للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المَطْلَبُ الأَوَّلُ: مِنْ حَيثُ العَدَالَةُ:

العدالةُ هيَ: ملكةٌ تحملُ صاحبَهَا علَى التَّقوى، واجتنابِ الأدناسِ وما يُخلُّ بالمروءَةِ.

ويُشترطُ فيهَا كمَا بيَّنهُ الخطيبُ البغداديُّ «ت ٤٦٣ هـ»، بقولِهِ: «هِيَ العَدَالَةُ الرَّاجِعَةُ إِلَى اسْتِقَامَةِ دِينِهِ، وَسَلَامَةِ مَذْهَبِهِ، وَسَلَامَتِهِ مِنَ الفِسْقِ، وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ مِمَّا اتُّفِقَ عَلَى أَنَّهُ مُبْطِلُ العَدَالَةِ مِنْ أَفْعَالِ الجَوَارِحِ وَالقُلُوبِ المَنْهِيِّ عَنْهَا» (١).

والسبيلُ إلى معرفَةِ عدالَةِ الرَّاوِي:

١ - الاختبارُ بمعرفَةِ أحوالِهِ بالمخالطَةِ والمعاينَةِ: قالَ الخطيبُ «ت ٤٦٣ هـ»: «الطَّرِيقُ إِلَى مَعْرِفَةِ العَدْلِ المَعْلُومِ عَدَالَتُهُ مَعَ إِسْلَامِهِ وَحُصُولِ أَمَانَتِهِ وَنَزَاهَتِهِ وَاسْتِقَامَةِ طَرَائِقِهِ، لَا سَبِيلَ إِلَيهَا إِلَّا بِاخْتِبَارِ الأَحْوَالِ وَتَتَبُّعِ الأَفْعَالِ التِي يَحْصُلُ مَعَهَا العِلْمُ مِنْ نَاحِيَةِ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِالعَدَالَةِ» (٢). وردَّ على مَنْ زعمَ بأنَّ العدالَةَ هيَ إظهارُ الإسلامِ، وسلامَةُ المسلمِ منْ فسقِ الظَّاهرِ.

٢ - الشُّهرةُ والاستفاضَةُ: وقدْ بوَّبَ الخطيبُ «ت ٤٦٣ هـ» لذلكَ بقولِهِ: «بَابُ المُحَدِّثِ المَشْهُورِ بِالعَدَالَةِ وَالثِّقَةِ وَالأَمَانَةِ، لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَزْكِيَةِ المُعَدِّلِ». وذكرَ أمثلةً منْ أئمَّةِ الحديثِ المشهورِينَ بالعلمِ، ثمَّ قالَ: «وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ فِي نَبَاهَةِ الذِّكْرِ وَاسْتِقَامَةِ الأَمْرِ وَالاِشْتِهَارِ


(١) الكفاية ١/ ٨٠.
(٢) الكفاية ١/ ٨١.

<<  <   >  >>