للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المَطْلَبُ الثَّانِي: كَشْفُ العِلَّةِ:

عِلْمُ العِلَلِ منْ أجلِّ علومِ السُّنَّة المطهَّرَةِ، لأنَّ بيانَ صِحَّةِ الحديثِ من ضعفهِ قائمٌ على هذا العلمِ الدَّقيقِ، قال الخطيبُ «ت ٦٤٣ هـ»: «مَعْرِفَةُ العِلَلِ أَجَلُّ أَنْوَاعِ عِلْمِ الحَدِيثِ» (١).

وكمْ منْ حديثٍ فيهِ علَّةٌ معَ أنَّ ظاهرَهُ السَّلامَةُ، وهذا لا ينكشِفُ إلا منْ خلالِ السَّبرِ لأسانيدِ الحديثِ ومتونِهِ، لأنَّ السَّبرَ كمَّا بيَّنَّا آنفَاً يكونُ للسنَدِ والمتْنِ معَاً، قال ابنُ الصلاحِ (٢) «ت ٦٤٣ هـ»: «قَدْ تَقَعُ العِلَّةُ فِي إِسْنَادِ الحَدِيثِ وَهُوَ الأَكْثَرُ، وَقَدْ تَقَعُ فِي مَتْنِهِ، ثُمَّ مَا يَقَعُ فِي الإِسْنَادِ قَدْ يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الإِسْنَادِ وَالمَتْنِ جَمِيعَاً، وَقَدْ يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الإِسْنَادِ خَاصَّةً» (٣).

إنَّ سبْرَ الأَسانيدِ والمتونِ وموازنتَهَا معَ بعضِهَا البعْضِ، هيَ منْ أدقِّ ما تَوَصَّلَ إليهِ المحدِّثُونَ من مسالكَ في سبيلِ كشفِ العلَّةِ وبيانِهَا، وذلكَ لدقَّةِ العلَّةِ وخفائِهَا وغموضِهَا، فلا يمكنُ معرفتُهَا إلا بالنَّظَرِ الثَّاقبِ، والتَّفحُّصِ الدَّؤوبِ للأسانيدِ والمتونِ.


(١) الجامع لأخلاق الراوي ٢/ ٢٩٤.
(٢) عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان الشهرورزي، الكردي، أبو عمرو، المعروف بابن الصلاح، «٥٧٧ هـ-٦٤٣ هـ» الإمام المحدث، من كتبه: «معرفة علوم الحديث» المعروف بمقدمة ابن الصلاح، و «طبقات الفقهاء الشافعية». انظر وفيات الأعيان ١/ ٣١٢، وشذرات الذهب ٥/ ٢٣١.
(٣) علوم الحديث لابن الصلاح ١/ ٩١.

<<  <   >  >>