للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المَطْلَبُ الرَّابِعُ: أَثَرُ السَّبْرِ فِي مَعْرِفَةِ الإِدْرَاجِ فِي المَتْنِ:

تقدَّمَ في مبحثِ «أثرُ السَّبرِ في معرفةِ المدرجِ سندَاً» أنَّهُ ثمَّةَ ترابطٌ قويٌّ بينَ المدرجِ متنَاً وسندَاً، بلْ قدْ رجَّحَ بعضُ العلماءِ أنَّ مُدرجَ السَّندِ مرجعُهُ في الحقيقةِ إلى مُدرجِ المتنِ، كمَا بيَّنَّا الطُّرقَ التي اعتمدَهَا العلماءُ لكشفِ الإدراجِ سواءٌ في السَّندِ أو المتنِ، ومنْ أخصِّهَا السَّبرُ وجمعُ الطُّرقِ فهوَ السَّبيلُ الذي يُفَصِّلُ أو يفصِلُ الزّيادةَ المدرجةَ، وما ذكرناهُ في ما يخصُّ السَّندَ ينطبقُ على المتنِ أيضَاً، ونفيدُ بشيءٍ ممَّا ذكرناهُ سابقَاً، معَ زيادةِ تفصيلٍ في معرفةِ المدرجِ متنَاً.

وقدْ صنَّفَ السُّيوطيُّ «ت ٩١١ هـ» كتابَهُ «المَدرجُ إلى المُدرجِ» مبيِّنَاً فيهِ الزِّياداتِ المدرجةَ في المتونِ، فقالَ في مقدِّمتِهِ: «اِقْتَصَرْتُ فِيهِ عَلَى مُدْرَجِ المَتْنِ دُونَ مُدْرَجِ الإِسْنَادِ، لِأَنَّ العِنَايَةَ بِتَمْيِيزِ كَلَامِ الرُّوَاةِ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ أَهَمُّ» (١). وقدْ اتَّبعَ السِّيوطيُّ «ت ٩١١ هـ» في كتابِهِ هذا المنهجَ الذي اعتمدَهُ الخطيبُ وابنُ حجرٍ في الكشفِ عَنِ الإدراجِ، بإيرادِ رواياتِ الفصلِ ومعارضتِهَا برواياتِ الوصلِ، والتَّرجيحِ وفقَاً للقرائنِ والمقوِّياتِ، إلَّا أنَّهُ اعتمدَ الاختصارَ بالإشارةِ إلى مَنْ وصلَ ومنْ فصلَ فحسبُ مِنْ غيرِ تفصيلٍ.

ويبقى أنْ نُبيِّنَ أنَّهُ منْ لوازمِ السَّبرِ للكشفِ عنِ الإدراجِ في المتنِ: التَّنبُّهُ إلى أنَّ الإدراجَ قدْ يشتبهُ بزاياداتِ الثِّقاتِ، لأنَّهُمَا يجتمعانِ في كونِهِمَا زيادةً في المتنِ إذا كان المُدْرِجُ ثقةً (٢)،


(١) مجموعة رسائل في الحديث «المدرج إلى المدرج» صبحي السامرائي ص ٥.
(٢) والفرق بينهما: أن زيادة الثقة: تكون فيما يعزوه الثقة إلى الرسول.
وأما الإدراج: فهو كلام أحد الرواة من تفسير أو تعليق أو نحوها.

<<  <   >  >>