للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المَطْلَبُ الثَّاني: الفَرْقُ بَينَ المُدَلَّسِ والمُرْسَلِ الخَفِيِّ وَالإِرْسَالِ:

الفرقُ بينَ المدلَّسِ والمرسلِ الخفيِّ دقيقٌ، فقدْ مزجَ ابنُ الصَّلاحِ «ت ٦٤٣ هـ» (١) في تعريفِهِ للتَّدليسِ بينَهُ وبينَ المرسلِ الخفيِّ، واعترضَ الحافظُ ابنُ حجرٍ «ت ٨٥٢ هـ» على ذلكَ، فقالَ: «وَالتَّحْقِيقُ فِيهِ التَّفْصِيلُ: وَهُوَ أَنَّ مَنْ ذُكِرَ بِالتَّدْلِيسِ أَوْ الإِرْسَالِ إِذَا ذُكِرَ بِالصِّيغَةِ المُوهِمَةِ عَمَّنْ لَقِيَهُ فَهُوَ تَدْلِيسٌ، أَوْ عَمَّنْ أَدْرَكَهُ وَلَمْ يَلْقَهُ فَهُوَ المُرْسَلُ الخَفِيُّ، أَوْ عَمَّنْ لَمْ يُدْرِكْهُ فَهُوَ مُطْلَقُ الإِرْسَالِ» (٢).

قالَ شيخُنَا نورُ الدِّينِ: «وَحَاصِلُ التَّفْرِيقِ بَينَهُمَا مِنْ وَجْهَينِ:

الأَوَّلُ: المُدَلِّسُ يَرْوِي عَمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ أَوْ لَقِيَهُ مَا لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ بِصِيغَةٍ مُوهِمَةٍ لِلسَّمَاعِ، وَأَمَّا المُرْسَلُ فَإِنَّهُ يَرْوِي عَمَّنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَلَمْ يَلْقَهُ إِنَّمَا عَاصَرَهُ فَقَطْ.

الثَّانِي: التَّدْلِيسُ إِيهَامُ سَمَاعِ مَا لَمْ يَسْمَعْ، وَلَيسَ فِي الإِرْسَالِ إِيهَامٌ، فَلَو بَيَّنَ المُدَلِّسُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعِ الحَدِيثَ مِنَ الذِي دَلَّسَهُ عَنْهُ لَصَارَ الحَدِيثُ مُرْسَلَاً لَا مُدَلَّسَاً، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ النُّقَّادُ المُحَقِّقُونَ كَالخِطِيبِ البَغْدَادِيِّ وَابْنِ عَبْدِ البَّرِّ» (٣).

كمَا تجدرُ الإشارةُ إلى أنَّ المُرسَلَ الخفيَّ والمرْسَلَ يشتركانِ في الانقطاعِ، ويفترقانِ منْ وجهينِ:


(١) مقدِّمة ابن الصَّلاح ص ٧٣، وقد وجدت شيخنا محمد عجاج - حفظه الله وأمتع به - جرى على تعريف ابن الصَّلاح للتَّدليس فمزج معه تعريف المرسل الخفي، انظر أصول الحديث - د. محمَّد عجاج الخطيب ص ٢٢٤.
(٢) النكت على ابن الصلاح ٢/ ٦٢٣.
(٣) منهج النقد ص ٣٨٨، وانظر الكفاية ص ٣٥٧، والتمهيد ١/ ١٧ وما بعدها.

<<  <   >  >>