للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مقدمة الطبعة الأولى]

الحمدُ للهِ الذي أرسلَ نبيَّهُ المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بكتابٍ بيِّنٍ كالشَّمسِ وضُحاهَا، وبسنَّةٍ نيِّرَةٍ كالقمرِ إذَا تلاهَا، فمنْ سارَ على نهجِهِمَا سارَ في ضوءِ النَّهارِ إذَا جلَّاهَا، ومنْ أعرضَ عنهُمَا جالَ في ظلمةِ اللَّيلِ إذَا يغشاهَا، وبعدُ:

حفظَ اللهُ -سبحانه وتعالى- القرآنَ الكريمَ، فقيَّضَ لهُ حملةً صرفُوا في حفظِهِ أوقاتَهُمْ، وبذلُوا في كَتْبِهِ أعمارَهُمْ، وأدامُوا تلاوتَهُ آناءَ اللَّيلِ وأطرافَ النَّهارِ، وأقامُوا هديَهُ في البلدانِ والأمصارِ، فنالُوا شرفَ الأهليَّةِ، ومنزلةَ الخصوصيَّةِ، معَ السَّفرةِ الكرامِ البررةِ.

وحفظَ السُّنَّةَ المطهَّرةَ، فهيَّأَ لهَا رجالاً مَلَؤُوا بهَا الصُّدورَ، ودوَّنُوهَا في السُّطورِ، وقطعُوا في سبيلِهَا الفيافيَ والقفارَ، وسنُّوا لأجلِهَا الرِّحلةَ في الأقطارِ والأمصارِ، فحازُوا شرفَ الصُّحبةِ بصحبتِهِمْ لأنفاسِهِ -صلى الله عليه وسلم-، وعلوَّ النِّسبةِ بلحظِهِمْ لآثارِهِ، وقدْ صدقَ القائلُ:

أَهْلُ الحَدِيثِ هُمُ أَهْلُ النَّبِيِّ وَإِنْ … لَمْ يَصْحَبُوا نَفْسَهُ أَنْفَاسَهُ صَحِبُوا

ولمَّا كانتِ السُّنَّةُ المطهَّرةُ المصدرَ الثَّانيَ منْ مصادِرِ التَّشريعِ الإسلاميِّ، تستقلُّ بتشريعِ الأحكامِ، وتُفصِّلُ ما جاءَ في القرآنِ، تُبيِّنُ مجملَهُ، وتُخصِّصُ عامَّهُ، وتُقيِّدُ مُطلقَهُ،

<<  <   >  >>