للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المَطْلَبُ الثَّالِثُ: نَقْدُ السَّنَدِ «الخَارِجِيِّ» دُونَ المَتْنِ «الدَّاخِلِيِّ»:

تَقَدَّمَ في مبحثِ «أهميَّةُ السَّبرِ وأقوالِ العلماءِ فيهِ» أنَّ السَّبرَ يشملُ كلاً منَ الإسنادِ والمتنِ على حدٍ سواءٍ، لكشفِ العلَّةِ فيهمَا أو في أحدهمَا، ولإبرازِ الفوائدِ فيهمَا أو في أحدهمَا، كمَا بينَّا أنَّ أئمَّةَ الجرحِ والتَّعديلِ لا يحكمُونَ على الرَّاوي ومرويَّاتِهِ، إلا بعدَ عرضِهَا على مرويَّاتِ الثِّقاتِ، فإنْ وافقتْ ولو مِنْ حيثُ المعنى قُبِلَتْ، وإلا فَلا، ممَّا يُشيرُ إلى أنَّ الأئمَّةَ قامُوا بنقدِ السَّندِ والمتنِ معَاً، والاهتمامِ بهمَا جميعَاً. وقدْ أثارَ بعضُ المستشرقينَ - ك «غوستاف ويت» (١)، و «شاخت» (٢)، و «جولد تسيهر» (٣)، و «كاتياني» (٤) - شبهةً أنَّ المحدثينَ اهتمُّوا بالنَّقدِ الخارجيِّ «السَّندِ»


(١) قال «غوستاف ويت»: «قد درس رجال الحديث السنة بإتقان، إلا أن تلك الدراسة كانت موجهة إلى السند ومعرفة الرجال والتقائهم وسماع بعضهم من بعض … لقد نقل لنا الرواة حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- مشافهة، ثم جمعه الحفاظ ودونوه، إلا أن هؤلاء لم ينقدوا المتن، ولذلك لسنا متأكدين من أن الحديث قد وصلنا كما هو عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- من غير أن يضيف إليه الرواة شيئا عن حسن نية في أثناء روايتهم للحديث». انظر المستشرقون والحديث النبوي - محمد بهاء الدين - ص ١٦١.
(٢) قال «شاخت»: «ومن المهم أن نلاحظ أنهم أخفوا نقدهم لمادة الحديث وراء نقدهم للإسناد نفسه». انظر كتاب مناهج المستشرقين في الدراسات العربية والإسلامية - «المستشرق شاخت والسنة النبوية» - محمد مصطفى الأعظمي -المنظمة العربية للتربية ومكتب التربية العربي لدول الخليج - ١٤٠٥ هـ.
(٣) قال «جولد تسيهر»: «في النقد الإسلامي للسنة تهيمن النزعة الشكلية في القاعدة التي انطلق منها هذا العلم، والعوامل الشكلية هي بصورة خاصة العوامل الحاسمة للحكم على استقامة وأصالة الحديث، أو كما يقول المسلمون: على صحة الحديث، وتختبر الأحاديث بحسب شكلها الخارجي فقط». انظر جهود المحدثين في نقد متن الحديث - محمد طاهر الجوابي - ص ٤٥٠.
(٤) قال «كاتياني»: «كل قصد المحدثين ينحصر ويتركز في وادٍ جدب ممحل من سرد الأشخاص الذين نقلوا المروي، ولا يشغل أحد نفسه بنقد العبارة والمتن نفسه». انظر المستشرقون والحديث النبوي - محمد بهاء الدين - ص ١٢٨.

<<  <   >  >>