للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المَطْلَبُ الرَّابِعُ: أَثَرُ السَّبْرِ فِي مَعْرِفَةِ المُدْرَجِ «سَنَدَاً»:

اهتمَّ العلماءُ بمعرفةِ الإدراجِ اهتمامَاً كبيراً، حتَّى لا يلتبسَ كلامُ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- بغيرِهِ، ويُجعلَ فيهِ ما ليسَ منهُ، والكشفُ عنِ الإدراجِ في الحديثِ أمرٌ غايةٌ في العُسْرِ، تحكمُهُ القرائنُ وتقوِّيهِ المرجِّحاتُ وتعضدُهُ أقوالُ أئمَّةِ هذَا الشَّأنِ، فهوَ يفتقرُ إلى سَعَةِ اِطِّلاعٍ على أقوالِ النُّقَّادِ وصنيعِهِمْ، ووُسعِ درايةٍ بالطُّرقِ والأسانيدِ، وتجدرُ الإشارةُ إلى أنَّهُ لا يُمكنُ إغفالُ المتنِ عندَ الكلامِ على أثرِ السَّبرِ في معرفةِ الحديثِ المُدرجِ سندَاً، فثمَّةَ ترابطٌ واضحٌ بينَهُمَا (١)، وقدْ بيَّنَتْ كتبُ أصولِ الحديثِ ومصطلحِهِ الطُّرقَ والوسائلَ التي وضعهَا العلماءُ لكشفِ الإدراجِ سواءٌ في السَّندِ أو المتنِ، نُبيُّنُهَا فيمَا يأتي ونخصُّ السَّبرَ بمزيدِ تفصيلٍ، لأنَّ مدارَ بحثِنَا عليهِ:

أوَّلَاً: أنْ يُعرفَ الإدراجُ مِنْ ظاهرِ سياقِ الحديثِ: بأنْ يكونَ لفظُهُ ممَّا يستحيلُ إضافتُهُ إلى النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وهذَا مختصٌ بمُدرَجِ المتنِ (٢). قالَ القَاريُّ «ت ١٠١٤ هـ»: «وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنَ الوُجُوهِ لِمَعْرِفَةِ الإِدْرَاجِ غَيرُ مُخْتَصٍّ بِإِدْرَاجِ المَتْنِ إِلَّا [مَا ذُكِرَ مِنْ اسْتِحَالَةِ كَونِهِ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى المُتَأَمِّلِ» (٣).


(١) وقد رجح الشيخ أحمد شاكر أن مدرج الإسناد مرجعه في الحقيقة إلى المتن، وهذا صحيح لكن ليس على إطلاقه إذ إن بعض الأنواع لا صلة لها بالمتن مطلقاً، كالنوع الأول من أنواع مدرج الإسناد. انظر الباعث الحثيث ص ٧١ و ٧٢.
(٢) انظر مبحث «أثر السبر في معرفة المدرج متناً» ص ٣٩١.
(٣) شرح نخبة الفكر للقاري ١/ ٤٧٢، وما بين معقوفتين مدرج من كلام الباحث للتوضيح.

<<  <   >  >>