للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المَطْلَبُ الأَوَّلُ: إِخْرَاجُ الحَدِيثِ:

والمقصودُ بهِ عملُ المصنِّفينَ منَ الأئمَّةِ المحدِّثينَ، حيثُ قاموا بسبرِ طُرُقِ الحديثِ، لإخراجِ الصَّحيحِ وتصنيفهِ، وتمييزِهِ عمَّا سواهُ من الضَّعيفِ والموضوعِ، فألَّفوا بذلكَ كتبَ الصحيحِ، والسُّنَنِ، والمسانيدِ، والمعاجمِ، وكذلك كتبَ الضعيفِ.

وأغلبُ عملِ أئمَّةِ الحديثِ المصنِّفينَ قامَ على سبرِ الحديثِ وانتقاءِ ما صنَّفوهُ من جملةٍ منَ الأحاديثِ بعد فرزِهَا وتمييزِهَا، وهو ما بيَّنهُ جمعٌ منهم، قال الإمامُ أحمد «ت ٢٤١ هـ»: «جَمَعْتُ فِي المُسْنَدِ أَحَادِيثَ انْتَخَبْتُهَا مِنْ أَكْثَرِ مِنْ سَبْعِمِئَةِ ألفٍ وَخَمْسِينَ أَلْفَاً» (١). والمرادُ بهذهِ الأعدادِ الطُّرُقُ لا المتونُ، فالانتخابُ تمَّ من طريقِ السَّبرِ لهذهِ الأحاديثِ وانتقائِهَا بعنايَةٍ.

وقالَ البخاريُّ (٢) «ت ٢٥٦ هـ»: «أَحْفَظُ مِئَةَ أَلْفِ حَدِيثٍ صَحِيحٍ، وَأَحْفَظُ مِئَتَي أَلْفِ حَدِيثٍ غَيرَ صَحِيحٍ، وَمَا أَدْخَلْتُ فِي كِتَابِ الجَامِعِ إِلَّا مَا صَحَّ، وَتَرَكْتُ الصِّحَاحَ الطِّوَالَ لِحَالِ الطُّولِ» (٣).

وقالَ أيضاً: «صَنَّفْتُ كِتَابِي الصَّحِيحَ فِي ستَّ عَشَرَةَ سَنَةٍ، خرَّجْتُهُ مِنْ سِتِّمِئَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ» (٤).


(١) تدريب الراوي ١/ ١٠٠.
(٢) محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، أبو عبد الله، «١٩٤ هـ-٢٥٦ هـ»، الحافظ، صاحب «الجامع الصحيح»، من كتبه: «التاريخ»، و «الضعفاء»، و «الأدب المفرد». انظر تذكرة الحفاظ ٢/ ١٢٢، والتهذيب ٩/ ٤٧.
(٣) تغليق التعليق ٥/ ٤١٨، نقل هذا القول عنه محمد بن حمدويه.
(٤) الجامع لأخلاق الراوي ٢/ ١٨٥.

<<  <   >  >>