للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلبُ الثَّالثُ: المصنَّفاتُ المسندَةُ التي يُعتمَدُ عليهَا في السَّبرِ:

والمقصودُ بالمصنَّفاتِ المسندَةِ التي يُعتمدُ عليهَا في السَّبرِ، أي: المصنَّفاتُ التي ينبغِي على طالبِ الحديثِ أنْ يقومَ بجمعِ أسانيدِ ومتونِ الحديثِ منهَا، إذْ ليسَ كلُّ كتابٍ حديثيٍّ يُعتمدُ عليهِ في جمعِ طرقِ الحديثِ، لأنَّ البعضَ منهَا قائمٌ على المتنِ دونَ الإسنادِ (١)، والسَّبرُ إنَّمَا يكونُ للمتنِ والإسنادِ معَاً، وبعضُ الكتبِ شأنُهَا جمعُ الأحاديثِ المسندَةِ، لكنَّهَا بأسانيدَ منْ غيرِ طريقِ المؤلِّفِ (٢)، فلا يُرجعُ إليهَا في جمعِ الطُّرقِ، وَإنَّمَا إلى الأُصولِ التي أَخذتْ منهَا مادَّتَهَا وبعضُ المصنَّفاتِ تسوقُ متونَهَا بأسانيدَ منكرةٍ أو غريبةٍ أو باطلةٍ لا أصلَ لهَا، فهذهِ ممَّا ينبغي اجتنابُهَا في عمليَّةِ السَّبرِ.

وقدْ بيَّنَ الخطيبُ «ت ٤٦٣ هـ» أنواعاً منْ هذهِ المصنَّفاتِ، فقالَ: «وَيَتْرُكُ المُنْتَخِبُ أَيضَاً الاِشْتِغَالَ بِأَخْبَارِ الأَوَائِلِ، مِثْل كِتَابِ المُبْتَدَأ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ الشُّغْلَ بِذَلِكَ غَيرُ نَافِعٍ وَهُوَ عَنِ التَّوَفُّرِ عَلَى مَا هُوَ أَولَى قَاطِعٌ» (٣).


(١) وقد جمع المتأخرون كتباً حديثية كثيرة في جميع أبواب العلم، مشتملة على المتون دون الأسانيد، مع الإبقاء على صحابي الحديث وحده في الغالب، ككتاب «جامع الأصول» لابن الأثير الجزري، و «مجمع الزوائد» للهيثمي، و «رياض الصالحين» للنووي، و «مصابيح السنة» للبغوي، وغيرها من كتب الحديث.
(٢) مثال ذلك: كتب الزوائد، ك «كشف الأستار»، و «المطالب العالية»، لأنها استخرجت الزوائد من كتاب معين على كتب معينة، وكذلك كتب الأطراف، ك «تحفة الأشراف»، و «إتحاف المهرة».
(٣) الجامع لأخلاق الراوي ٢/ ١٥٩.

<<  <   >  >>