للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المَطْلَبُ الرَّابِعُ: الحُكْمُ عَلَى الرَّاوِي المَجْهُولِ مِنْ خِلَالِ السَّبْرِ:

المجهولُ عندَ المحدِّثينَ ثلاثَةُ أقسامٍ، ومنهُمْ منْ جعلَهُ قسمينِ:

أَوَّلَاً: مَجْهُولُ العَينِ: قالَ الخطيبُ «ت ٤٦٣ هـ» في تعريفِهِ: «المَجْهُولُ عِنْدَ أَصْحَابِ الحَدِيثِ: هُوَ كُلُّ مَنْ لَمْ يَشْتَهِرْ بِطَلَبِ العِلْمِ فِي نَفْسِهِ، وَلَا عَرَفَهُ العُلَمَاءُ بِهِ، وَمِمَّنْ لَمْ يُعْرَفْ حَدِيثُهُ إِلَّا مِنْ جِهَةِ رَاوٍ وَاحِدٍ» (١). وترتفعُ جهالةُ العينِ عنِ الرَّاوي بأنْ يرويَ عنهُ اثنانِ فصاعداً منَ المشهورينَ بالعلمِ، عندَ غيرِ ابنِ حبَّانَ وشيخِهِ ابنِ خُزيمةَ، قالَ ابنُ حجرٍ «ت ٨٥٢ هـ»: «وَكَانَ عِنْدَ ابنِ حِبَّانَ أَنَّ جَهَالَةَ العَينِ تَرْتَفِعُ بِرِوَايَةِ وَاحِدٍ مَشْهُورٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ شَيخِهِ ابنِ خُزَيمَةَ، وَلَكِنَّ جَهَالَةَ حَالِهِ بَاقِيَةٌ عِنْدَ غَيرِهِ» (٢). ويُصبِحُ في طبقَةِ مجهولِ الحالِ، ما لمْ يردْ فيهِ جرحٌ أو تعديلٌ.

والطَّريقُ إلى رفعِ جهالةِ العينِ عنِ الرَّاوي، هوَ السَّبرُ وتتبُّعُ الأسانيدِ، ليُنظَرَ هلْ روَى عنْه راوٍ آخرُ أو أكثرُ ترتفعُ بهِ جهالَةُ عينِهِ، وكثيرٌ منْ مجهولي العينِ ارتفعتْ جهالَةُ عينهِمْ منْ خلالِ السَّبرِ وتتبعِ الأسانيدِ، بوجودِ راويَينِ أو أكثرَ عنهُمَا، والأمثلةُ في كتبِ الرِّجالِ والعللِ مُستفيضَةٌ، نقتصرُ على بعضِهَا:

زكريَّا بنُ الصَّلتِ الأصبهانيُّ: قالَ الذَّهبيُّ «ت ٧٤٨ هـ»: «قَالَ أَبُو الشَّيخِ: لَمْ نَرَ أَحَدَاً حَدَّثَ عَنْ زَكَرِيَّا بنِ الصَّلتِ إِلَّا أَبُو جَعْفَرٍ».


(١) الكفاية ١/ ٨٨.
(٢) لسان الميزان ١/ ١٤.

<<  <   >  >>