الحمدُ للهِ الذي أنزلَ على عبدِهِ الكتابَ ولم يجعلْ لهُ عوجاً، وأحكمَ آياتِهِ ففصَّلَهَا براهينَ قطعَ بهَا الحججَا، والصلاةُ والسَّلامُ على من تركنَا على المحجَّةِ البيضاءِ فحكمناهُ فينَا ولم نجدْ في أنفسنَا حرجاً، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومَنْ على منوالِهِ نسجَاً، وبعدُ:
فهذِهِ هيَ الطبعةُ الثَّانيةُ مِنْ كتابِ «السَّبرُ عندَ المحدثينَ»، والذيْ قدَّمَ تأصيلًا علميًّا منهجيًّا لمسألةِ السَّبرِ على قواعدِ المحدِّثينَ في المتنِ والإسنادِ، وفي الحكمِ على الرِّجالِ وعلى المرويَّاتِ، أضعُهُ بينَ يديْ أهلِ العلمِ وطلبتِهِ، راجيًا منَ اللهِ أنْ يجعلَهُ مِنَ العلمِ الذي يُنتفَعُ بِهِ ولَا ينقطعُ، فقدْ أخرجَ الإمامُ مسلمٌ مِنْ حديثِ أبي هريرةَ -رضي الله عنه-، قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إذَا ماتَ الإنسانُ انقطعَ عملُهُ إلَّا مِنْ ثلاثٍ: صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتفَعُ بِهِ، أو ولدٍ صالحٍ يدعُو لَهُ». كمَا أسألُهُ -سبحانه وتعالى- أنْ يرزقنيْ حسنَ القصدِ والإخلاصِ، وأنْ يكتبَ لهُ القبولَ، فمَا كانَ للهِ بقي، وما كانَ لغيرِهِ فني، وإنَّني أبرأُ إلى اللهِ من حولِي وقوَّتِي وعلمِي ومعرفتِي، وألجأُ إلى حولِهِ وقوَّتِهِ وعملِهِ ومعرفتِهِ جلَّ جلالِهِ.