المَطْلَبُ الثَّالِثُ: الوُقُوفُ عَلَى فَائِدَةٍ، أَوْ زِيَادَةِ مَعْنَىً:
فمنْ خلالِ سبرِ الأسانيدِ والمتونِ ومقارنتِهَا ببعضهَا، يتَّضحُ الزَّائدُ في الحديثِ، سواءً كانتْ هذهِ الزِّيادةُ زيادةَ فائدَةٍ أو زيادَةً في المعنى، والوقوفُ على معنىً زائدٍ، أو على فائدةٍ في الحديثِ لا تقتصرُ على المتنِ فحسب، وإنَّما تشملُ السَّندَ والمتنَ معاً، وإنْ كانت في المتنِ أكثرُ، وقدْ أشارَ الإمامُ مسلمٌ «ت ٢٦١ هـ» إلى ذلكِ في مقدمةِ صحيحهِ، فقالَ: «وَإِنَّا نَعْمَدُ إِلَى جُمْلَةِ مَا أُسْنِدَ مِنَ الأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَنُقَسِّمُهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ، وَثَلَاثِ طَبَقَاتٍ مِنَ النَّاسِ عَلَى غَيرِ تَكْرَارٍ، إِلَّا أَنْ يَاتِيَ مَوضِعٌ لَا أَسْتَغْنِي فِيهِ عَنْ تَرْدَادِ حَدِيثٍ فِيهِ زِيَادَةُ مَعْنَىً، أَوْ إِسْنَادٍ يَقَعُ إِلَى جَنْبِ إِسْنَادٍ لِعِلَّةٍ تَكُونُ هِنَاكَ؛ لِأَنَّ المَعْنَى الزَّائِدَ فِي الحَدِيثِ المُحْتَاجِ إِلَيهِ يَقُومُ مَقَامَ حَدِيثٍ تَامٍّ، فَلَا بُدَّ مِنْ إِعَادَةِ الحَدِيثِ الذِي فِيهِ مَا وَصَفْنَا مِنَ الزِّيَادَةِ، أَوْ أَنْ يُفَصِّلَ ذَلِكَ المَعْنَى مِنْ جُمْلَةِ الحَدِيثِ عَلَى اخْتِصَارِهِ إِذَا أَمْكَنَ» (١).
فزيادةُ المعنى التي ذكرَهَا الإمامُ مسلمٌ رحمَهُ اللهُ هيَ التي تتكشَّفُ من خلالِ سَبرِ الأسانيدِ وجمعِ المتونِ وموازنتِهَا، ولكنْ حتَّى تكونَ هذهِ الزِّيادةُ معتبرةً لا بدَّ من صحَّةِ السَّندِ الموصِلِ إليهَا، وثقةِ الرَّاوي الذي جاءَ بهَا.
(١) مقدمة صحيح مسلم ١/ ٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute