للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المَطْلَبُ الأَوَّلُ: فَوَائِدُ مَعْرِفَةِ المُبْهَمِ فِي المَتْنِ:

بيَّنَ ابنُ كثيرٍ «ت ٧٧٤ هـ» أنَّ الفائدةَ منْ مُبهمِ المتنِ قليلةٌ بالنِّسبةِ للفائدةِ المترتِّبةِ على معرفةِ مُبهمِ الإسنادِ، فقالَ: «هُوَ فَنٌّ قَلِيلُ الجَدْوَى بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَعْرِفَةِ الحُكْمِ مِنَ الحَدِيثِ، وَلَكِنَّهُ شَيءٌ يَتَحَلَّى بِهِ كَثِيرٌ مِنَ المُحَدِّثِينَ وَغَيرِهِمْ» (١).

وتعقَّبهُ السَّخاويُّ «ت ٩٠٢ هـ»، فقالَ: «بَلْ مِنْ فَوَائِدِهِ: أَنْ يَكُونَ المُبْهَمُ سَائِلَاً عَنْ حُكْمٍ عَارَضَهُ حَدِيثٌ آَخَرُ، فَيُسْتَفَادُ بِمَعْرِفَتِهِ النَّسْخُ وَعَدَمُهُ، إِنْ عُرِفَ زَمَنُ إِسْلَامِ ذَلِكَ الصَّحَابِيِّ، وَكَانَ قَدْ أَخْبَرَ عَنْ قِصَّةٍ شَاهَدَهَا وَهُوَ مُسْلِمٌ» (٢).

وزادَ أبو زرعةَ العراقيُّ (٣) «ت ٨٢٦ هـ» منْ فوائدِهِ، فقالَ: «تَحْقِيقُ الشَّيءِ عَلَى مَا هُوَ عَلِيهِ،

فَإِنَّ النَّفْسَ مُتَشَوِّفَةٌ إِلَيهِ.

وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ فِي الحَدِيثِ مَنْقَبَةٌ لِذَلِكَ المُبْهَمِ، فَيُسْتَفَادُ بِمَعْرِفَتِهِ فَضِيلَتُهُ، فَيُنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ، وَيَحْصُلُ الاِمْتِثَالُ لِقَولِهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَنْزِلُوا النّاسَ مَنَازِلَهُمْ»

وَمِنْهَا: أَنْ يَشْتَمِلَ عَلَى نِسْبَةِ فِعْلٍ غَيرِ مُنَاسِبٍ إِلَيهِ، فَيحْصُلُ بِتَعْيِينِهِ السَّلَامَةُ مِنْ جَوَلَانِ الظَّنِّ فِي غَيرِهِ مِنْ أَفَاضِلِ الصَّحَابَةِ» (٤).


(١) علوم الحديث ٢/ ٦٥٢.
(٢) فتح المغيث ٣/ ٣٠١.
(٣) أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين الكردي، الرازياني، المصري، أبو زرعة، ولي الدين، ابن العراقي، «٧٦٢ هـ - ٨٢٦ هـ»، قاضي الديار المصرية، من كتبه: «البيان والتوضيح لمن أخرج له في الصحيح وقد مس= = بضرب من التجريح»، و «المستفاد من مبهمات المتن والإسناد»، و «أخبار المدلسين». انظر طبقات الحفاظ ص ٥٤٨.
(٤) المستفاد من مبهمات المتن والإسناد ١/ ٩١.

<<  <   >  >>