للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المَطْلَبُ الثَّانِي: أَثَرُ السَّبْرِ فِي مَعْرِفَةِ أَسْبَابِ وُرُودِ الحَدِيثِ:

لمعرفةِ أسبابِ ورودِ الأحاديثِ أهميَّةٌ عظيمةٌ عندَ المحدِّثينَ والفقهاءِ على حدٍّ سواءٍ، لأنَّهُ بمثابةِ معرفةِ أسبابِ النُّزولِ مِنَ القرآنِ الكريمِ، وبِهِ يُفهمُ الحديثُ (١).

وقدْ يأتي سببُ الورودِ في سياقِ الحديثِ ذاتِهِ، أو في بعضِ طرقِهِ، وقدْ يكونُ منْ طريقِ الصَّحابيِّ نفسِهِ، بأنْ يرويهِ بعضُ الرُّواةِ مُختصرَاً، ثمَّ يرويهِ غيرُهُ مُطوَّلاً أو بتمامِهِ، وقدْ يكونُ الحديثُ بتمامِهِ - معَ سببِ ورودِهِ - منْ طريقِ صحابيٍّ آخرَ.

وهنَا تظهرُ فائدةُ السَّبرِ وتتبُّعِ الطُّرقِ في الكشفِ عنْ سببِ ورودِ الحديثِ، قالَ البَلقينيُّ «ت ٨٠٥ هـ»: «وَاعْلَمْ أَنَّ السَّبَبَ قَدْ يُنْقَلُ فِي الحَدِيثِ، كَمَا فِي حَدِيثِ سُؤَالِ "جِبْرِيلَ" عَنِ الإِيمَانِ وَالإِسْلَامِ وَالإِحْسَانِ وَغَيرِهَا … وَقَدْ لَا يُنْقَلُ السَّبَبُ فِي الحَدِيثِ، أَوْ يُنْقَلُ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ، فَهُوَ الذِي يَنْبَغِي الاِعْتِنَاءُ بِهِ» (٢).


(١) وقد عدد الدكتور طارق الأسعد ستة فروع في فوائد معرفة سبب ورود الحديث، وهي: =
١ - معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم.
٢ - تخصيص الحكم به إذا ورد النص بصيغة العموم.
٣ - تقييد الحكم به إذا ورد النص بصيغة الإطلاق.
٤ - تعيين المجمل فيما يقع به البيان في النصوص.
٥ - تعليل المتن به إذا أُدِّي بألفاظ تحيل الحديث عن معناه المراد منه.
٦ - تحديد النسخ في الأخبار، ومعرفة المتقدم على المتأخر من الأحاديث.
انظر علم أسباب ورود الحديث ص ٣٢ - ٨٧.
(٢) محاسن الاصطلاح ص ٦٩٨.

<<  <   >  >>