للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المَبْحَثُ الثَّانِي: أَثَرُ السَّبْرِ فِي مَعْرِفَةِ الشَّاذِّ وَالمُنْكَرِ فِي المَتْنِ:

تقدَّمَ الكلامُ في تعريفِ الحديثِ الشَّاذِّ والمنكرِ، وأثرِ السَّبرِ في معرفتِهِمَا سنداً (١)، وسآتي على معرفةِ الشَّاذِّ والمنكرِ في المتنِ، وتمييزِهِمَا عنِ المحفوظِ والمعروفِ متناً منْ خلالِ السَّبرِ، فقدْ يصحُّ السَّندُ، لكنْ يشذُّ المتنُ أو يُوصفُ بالنَّكارةِ، أو العكسُ، وقدْ يشذَّانِ أو يُوصفانِ بالنَّكارةِ معَاً.

وإنَّمَا يُوصفُ المتنُ بالشُّذوذِ حينمَا يُخالفُ الثقةُ أو المقبولُ مَنْ هوَ أولى منهُ، قالَ الإمامُ الشَّافعيُّ «ت ٢٠٤ هـ»: «لَيسَ الشَّاذُّ مِنَ الحَدِيثِ أَنْ يَرْوِيَ الثَّقَةُ مَا لَا يَرْوِي غَيرُهُ، إِنَّمَا الشَّاذُّ: أَنْ يَرْوِيَ الثِّقَةُ حَدِيثَاً يُخَالِفُ مَا رَوَى النَّاسُ» (٢). ويكونُ ما رواهُ النَّاسُ محفوظَاً.

وَبالنَّكارةِ حينمَا يُخالفُ الضَّعيفُ مَنْ هوَ أولى منهُ حفظَاً أو كثرةً، قالَ الإمامُ مسلمٌ «ت ٢٦١ هـ»: «وَعَلَامَةُ المُنْكَرِ فِي حَدِيثِ المُحَدِّثِ إِذَا مَا عُرِضَتْ رِوَايَتُهُ لِلحَدِيثِ عَلَى رِوَايَةِ غَيرِهِ مِنْ أَهْلِ الحِفْظِ وَالرِّضَا خَالَفَتْ رِوَايَتُهُ رِوَايَتَهُمْ أَوْ لَمْ تَكَدْ تُوَافِقُهَا» (٣). ويكونُ ما رواهُ أهلُ الحفظِ والرِّضَا معروفَاً.

وأمَّا أثرُ السَّبرِ في معرفةِ الشَّاذِّ والمنكرِ متنَاً، فمَا ذكرناهُ في مبحثِ أثرِ السَّبرِ في معرفةِ الشَّاذِّ والمنكرِ سندَاً ينطبقُ على المتنِ، وهوَ أنَّ نفيَ المتابعِ والشَّاهدِ في الشَّاذِّ والمنكرِ،


(١) انظر ص ٢٢٦.
(٢) نقله الحاكم بسنده عن الشافعي - معرفة علوم الحديث - ص ١١٩.
(٣) صحيح مسلم ١/ ٧.

<<  <   >  >>