للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المَطْلَبُ الثَّانِي: مَعْرِفَةُ الحَدِيثِ إِلهامٌ:

أقامَ المحدِّثونَ المنهجَ النَّقديَّ للحديثِ على أسسٍ دقيقةٍ، وقواعدَ راسخةٍ، والسَّبرُ عمادُ هذهِ الأسسِ والقواعدِ، وقدْ جاءَتْ بعضُ عباراتِ المحدِّثينَ تُعارضُ هذا المنهجَ العلميَّ الدقيقَ - على رأيِ بعضِ المستشرقينَ ك «جولد تسيهر» (١) - وتُبيِّنُ أنَّهُ ضربٌ من الإلهامِ والكشفِ، أو الخرصِ والتَّخمينِ لا ينبني على أسسٍ، أَوْ أمرٌ مزاجيٌّ لا مُسَوِّغَ لَهُ في العِلْمِ، وأنَّهُ أقربُ إلى الكهانَةِ والعرافَةِ منهُ إلى العقْلِ والقواعِدِ العلميَّةِ الرَّصينةِ، ومنْ هذهِ الأقوالِ التي استدلُّوا بهَا: قولُ ابنِ مَهديٍّ (٢) «ت ١٩٨ هـ»: «مَعْرِفَةُ الحَدِيثِ إِلْهَامٌ، فَلَو قُلْتَ لِلْعَالِمِ بِعِلَلِ الحَدِيثِ، أَينَ قُلْتَ هَذَا؟ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ».


(١) ذكر ذلك في كتابه «دراسات محمدية» وقد ترجم الكتاب مؤخراً إلى العربية الدكتور: الصِّديق بشير نصر، وطبع في مركز العالم الإسلامي لدراسة الإستشراق - لندن، والكتاب متوفر في دار قتيبة - سوريا. وقد صنفت كتب في الرد على افتراءاته، منها: «الرد على مزاعم المستشرقَين إجناتس جولدتسيهر ويوسف شاخت ومن أيدهما من المستغربين» - د. عبد الله عبد الرحمن الخطيب - طبعه مجمع الملك فهد - ١٤٢٥ هـ، وكتاب «السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي» للدكتور مصطفى السباعي - دار الوراق - المكتب الإسلامي - بيروت - ٢٠٠٠ م، وكتاب «منهج النقد» لفضيلة شيخنا العلامة نور الدين عتر، عقد فيه فصلاً في الرد على المستشرقين، وخص بالرد منهم جولد تسيهر. ص ٤٥٩ وما بعدها.
(٢) عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري، البصري، اللؤلؤي، أبو سعيد، «١٣٥ هـ- ١٩٨ هـ»، من كبار حفاظ الحديث، وله مصنفات فيه، قال الشافعي: «لا أعرف له نظيراً في الدنيا». انظر تذكرة الحفاظ ١/ ٣٣١، والأعلام للزركلي ٣/ ٣٣٩.

<<  <   >  >>