للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المَطْلَبُ الثَّالثُ: حُكْمُ الحَدِيثِ المُدْرَجِ والإِدْرَاجِ:

الحديثُ المُدرجُ مِنْ أنواعِ الضَّعيفِ، ويُحكمُ عليهِ منْ حيثُ دخولُهُ في الحديثِ، فهوَ مِنْ حيثُ كونُهُ مُدرجَاً ضعيفٌ، وإنْ صحَّ أو حَسُنَ بورودِهِ منفصلاً منْ طريقٍ أخرى.

والإدراجُ إذَا وقعَ سهوَاً أو خطأً فلا يُؤاخذُ عليهِ صاحبُهُ، إلَّا إذَا كثُرَ منهُ وقوعُ ذلكَ، فإنَّهُ يكونُ حينئذٍ جرحَاً في ضبطِهِ (١).

فإذَا كانَ عنْ تعمُّدٍ فهوَ حرامٌ بإجماعِ المحدثينَ والفقهاءِ، قالَ السَّخاويُّ «ت ٩٠٢ هـ»: «تَعَمُّدُ الإِدْرَاجِ لِكُلِّ الأَقْسَامِ المُتَعَلِّقَةِ بِالمَتْنِ وَالسَّنَدِ مَحْظُورٌ، أَي: حَرَامٌ، لِمَا يَتَضَمَّنُ مِنْ عَزْوِ الشَّيءِ لِغَيرِ قَائِلِهِ، وَأَسْوَأُهُ مَا كَانَ فِي المَرْفُوعِ مِمَّا لَا دَخَلَ لَهُ فِي الغَرِيبِ المُتَسَامَحِ فِي خَلْطِهِ أَوْ الاِسْتِنْبَاطِ» (٢). وقالَ الزركشيُّ «ت ٧٩٤ هـ»: «وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ المَاوَرْدِيَّ وَالرَّوَيَانِيَّ وَابْنَ السَّمْعَانِيِّ قَالُوا: مَنْ تَعَمَّدَ الإِدْرَاجَ فَهُوَ سَاقِطُ العَدَالَةِ، وَمِمَّنْ يُحَرِّفُ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَهُوَ مُلْحَقٌ بِالكَذَّابِينَ» (٣). واستثنى السُّيوطيُّ «ت ٩١١ هـ» مِنَ العمدِ ما كانَ تفسيرَاً لغريبٍ، فقالَ: «وَعِنْدِي أَنَّ مَا أُدرِجَ لِتَفسِيرِ غَرِيبٍ لَا يُمنَعُ، وَلِذَلِكَ فَعَلَهُ الزُّهْرِيُّ وَغَيرُ وَاحِدٍ مِنَ الأَئِمَّةِ» (٤). لكنَّ الأولى أنْ ينصَّ الرَّاوي على بيانِهِ.


(١) انظر النكت للزركشي ٢/ ٢٥١.
(٢) انظر فتح المغيث ١/ ٢٥١.
(٣) انظر النكت على مقدمة ابن الصلاح ٢/ ٢٤١.
(٤) المصدر ذاته.

<<  <   >  >>