للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المَطْلَبُ الأُولُ: تَعْرِيفُ المُتَابِعِ وَالشَّاهِدِ وَالفَرْقُ بَينَهُمَا:

ذكرتُ في نقطةِ «المُصْطَلَحَاتُ المُتَعَلِّقَةُ بِالسَّبْرِ» المعنَى الرَّاجِحَ للمُتابعةِ والشَّاهدِ، مِنْ غيرِ بيانِ اختلافِ العلماءِ في مفهومِهِمَا، أبسطُهُ هنَا لمناسبتِهِ لهذَا المبحثِ (١)، فقدْ انتهى العلماءُ في التَّفريقِ بينَ المتابعةِ والشَّاهدِ إلى معنيينِ:

الأوَّلُ: المتابعةُ: ما تُوبِعَ عليهِ رواتُهُ لفظَاً ولو كانَ الرَّاوي صحابيَّاً.

والشَّاهدُ: ما تُوبِعَ عليهِ رواتُهُ معنَىً ولو كانَ الرَّاوي ممَّنْ دونَ الصَّحابةِ.

فالمتابعةُ ما اتَّفَقَ لفظَاً، والشَّاهدُ: ما اتَّفقَ معنَى.

واختارَ ابنُ الصَّلاحِ «ت ٦٤٣ هـ» في المقدِّمةِ ذلكَ (٢)، وابنُ الجعبريِّ «ت ٧٣٢ هـ» (٣)، والأبناسيُّ

«ت ٨٠٢ هـ» (٤)، وسراجُ الدِّينِ الأنصاريُّ «ت ٨٠٤ هـ» (٥).

وقالَ النَّوويُّ «ت ٦٧٦ هـ» في التَّقريبِ: «وَالمُتَابَعَةُ: أَنْ يَرْوِيَهُ عَنْ أَيُّوبَ غَيرُ حَمَّادٍ، وَهِيَ المُتَابَعَةُ التَّامَّةُ. أَوْ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ غَيرُ أَيُّوبَ، أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ غَيرُ ابْنِ سِيرِينَ، أَوْ عَنِ


(١) وثمَّة سبب آخر، هو أنني لم أجد من المعاصرين ممن عَنِيَ بجانب تقوية الأحاديث بالمتابعات والشواهد من طرح مسألةَ التَّفريق بين المتابعة والشاهد، وإنما اكتفوا بمجرد ذكر المعنى الراجح المتداول في كتب أصول الحديث.
(٢) انظر علوم الحديث لابن الصلاح ١/ ٨٢.
(٣) انظر رسوم التحديث في علوم الحديث ١/ ٨٤.
(٤) انظر الشذا الفياح ١/ ١٨٩.
(٥) انظر المقنع في علوم الحديث ١/ ١٨٨.

<<  <   >  >>