للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المَطْلَبُ الرَّابِعُ: أَثَرُ السَّبْرِ فِي مَعْرِفَةِ المُرْسَلِ الخَفِيِّ:

عنيَ العلماءُ بمعرفةِ المرسلِ الخفيِّ، لأهميَّتِهِ ودقَّتِهِ وخفائِهِ، وقدْ سُمِّيَ بذلكَ احترازاً عنِ الظَّاهرِ لكونِهِ لا يُدركُ إلَّا بكشفٍ وبحثٍ واتِّساعِ علمٍ مِنَ الحافظِ الجهبذِ (١).

قالَ الحافظُ العلائيُّ «ت ٧٦١ هـ»: «وَهُوَ نَوعٌ بَدِيعٌ مِنَ أَهَمِّ أَنْوَاعِ عُلُومِ الحَدِيثِ، وَأَكْثَرِهَا فَائِدَةً، وَأَعْمَقِهَا مَسْلَكَاً، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ بِالبَيَانِ إِلَّا حُذَّاقُ الأَئِمَّةِ الكِبَارِ، وُيُدْرَكُ بِالاِتِّسَاعِ فِي الرِّوَايَةِ، وَالجَمْعِ لِطُرُقِ الحَدِيثِ، مَعَ المَعْرِفَةِ التَّامَّةِ، وَالإِدْرَاكِ الدَّقِيقِ» (٢). ثمَّ بيَّنَ أنَّ لمعرفتِهِ طرقاً فصَّلهَا في جامعِ التَّحصيلِ، نجملُهَا فيمَا يأتي، معَ مزيدِ تفصيلٍ في مسألةِ السَّبرِ:

أوَّلاً: عدمُ اللقاءِ أو السَّماعِ بينَ الرَّاوي والمرويِّ عنهُ: إمَّا بتنصيصِ بعضِ الأئمَّةِ على

ذلكَ، كقولِ المزِّيِّ (٣) «ت ٧٤٢ هـ»: «إِنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيزِ لَمْ يَلْقَ عُقْبَةَ بنَ عَامِرٍ» (٤). في


(١) الغاية في شرح الهداية ص ١٦٨.
(٢) جامع التحصيل ص ١٢٥.
(٣) يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف، أبو الحجاج، المزي، «٦٥٤ هـ - ٧٤٢ هـ»، محدث الديار الشامية، له تصانيف كثيرة، من أهمها: «تهذيب الكمال في أسماء الرجال»، و «تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف»، و «المنتقى من الأحاديث». انظر تذكرة الحفاظ ٤/ ١٤٩٨، وطبقات الحفاظ ص ٥٢١.
(٤) انظر تحفة الأشراف ٧/ ٣١٤. الحديث ورد من طريق صحيح عن ابن عمر مرفوعاً، قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه، وقد أوقفه وكيع بن الجراح عن ثور، وفي يحيى بن سعيد قدوة». المستدرك ٢/ ٩٠.

<<  <   >  >>