للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المَطْلَبُ الخَامِسُ: مَعْرِفَةُ اخْتِلَاطِ الرَّاوِي، فِي أَزْمِنَةٍ أَوْ أَمْكِنَةٍ أَوْ عَنْ شُيُوخٍ دُونَ غَيرِهِمْ:

الاختلاطُ: لغةً: فسادُ العقلِ.

واصطلاحاً: هوَ فسادُ العقلِ، وعدمُ انتظامِ الأقوالِ والأفعالِ، إمَّا بخرفٍ أو ضررٍ، أو مرضٍ، أو عَرَضٍ، مِنْ موتِ ابنٍ، أو سرقَةِ مالٍ، أو ذهابِ كتبٍ، أوِ احتراقِهَا (١).

وقدْ بيَّنَ ابنُ الصَّلاحِ «ت ٦٤٣ هـ» الحكمَ في حديثِ منْ رُميَ بالاختلاطِ مِنَ الثِّقاتِ، فقالَ: «وَالحُكْمُ فِيهِمْ: أَنَّهُ يُقْبَلُ حَدِيثُ مَنْ أَخَذَ عَنْهُمْ قَبْلَ الاِخْتِلَاطِ، وَلَا يُقْبَلُ حَدِيثُ مَنْ أَخَذَ عَنْهُ بَعْدَ الاِخْتِلَاطِ، أَوْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ فَلَمْ يَدْرِ هَلْ أُخِذَ عَنْهُ قَبْلَ الاِخْتِلَاطِ أَوْ بَعْدَهُ» (٢).

ومِنَ القرائنِ التي تُميِّزُ ما رُويَ أو مَنْ روى قبلَ أو بعدَ الاختلاطِ:

١ - أنْ يكونَ الحديثُ مِنْ روايَةِ الكِبارِ مِنْ أصحابِ الرَّاوي المختلِطِ، أي: الذينَ عُلِمَ أنَّهُمْ سمعُوا منهُ في وقتٍ مُبكِرٍ، قال ابن الصلاح «ت ٦٤٣ هـ»: «فَمِنْهُمْ عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ: اخْتَلَطَ فِي آَخِرِ عُمُرِهِ فَاحَتَجَّ أَهْلُ العِلْمِ بِرِوَايَةِ الأَكَابِرِ عَنْهُ، مِثْلِ: سُفْيَانَ الثَّورِيِّ وَشُعْبَةَ، لِأَنَّ سَمَاعَهُمْ مِنْهُ كَانَ فِي الصِّحَّةِ» (٣).


(١) انظر مقدمة ابن الصلاح ١/ ٣٩١، وفتح المغيث ٣/ ٣٦٦، وتدريب الراوي ٢/ ٣٧١.
(٢) مقدمة ابن الصلاح ١/ ٣٩١.
(٣) المصدر ذاته.

<<  <   >  >>