للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المَبْحَثُ الثَّالِثُ: الطَّرِيقَةُ العِلْمِيَّةُ العَمَلِيَّةُ لِسَبْرِ الأَسَانِيدِ:

المَطْلَبُ الأَوَّلُ: الطَّرِيقَةُ العِلْمِيَّةُ لِسَبْرِ الأَسَانِيدِ:

هناكَ طرقٌ عدَّةٌ اعتمدهَا الأئمَّةُ المحدِّثونَ في مصنَّفاتهِمْ بالنِّسبَةِ لسبرِ الحديثِ وجمعِ طرقِهِ في موطنٍ واحدٍ، ولكلٍّ منهمْ مقصدٌ من طريقتِهِ، وهذهِ الطُّرقُ هيَ:

الطَّريقةُ الأولَى: وهيَ طريقَةُ الإمامِ مسلمٍ في صحيحِهِ، فقد رتَّبَ الرِّواياتِ بحسبِ قوَّتِهَا، قالَ المُعلِّميُّ «ت ١٣٨٦ هـ»: «عَادَةُ مُسْلِمٍ أَنْ يُرَتِّبَ رِوَايَاتِ الحَدِيثِ بِحَسَبِ قُوَّتِهَا، يُقَدِّمُ الأَصَحَّ فَالأَصَحَّ» (١). وقدْ أشارَ الإمامُ مسلمٌ إلى ذلكَ في مقدِّمةِ صحيحِهِ، فقالَ: «فَأَمَّا القِسْمُ الأَوَّلُ فَإِنَّا نَتَوَخَّى أَنْ نُقَدِّمَ الأَخْبَارَ التِي هِيَ أَسْلَمُ مِنَ العُيُوبِ مِنْ غَيرِهَا … فَإِذَا نَحْنُ تَقَصَّينَا أَخْبَارَ هَذَا الصِّنْفِ مِنَ النَّاسِ أَتْبَعْنَاهَا أَخْبَارَاً يَقَعُ فِي أَسَانِيدِهَا بَعْضُ مَنْ لَيسَ بِالمَوصُوفِ بِالحِفْظِ وَالإِتْقَانِ كَالصِّنْفِ الُمقَدَّمِ قَبْلَهُمْ … » (٢).

ومقصِدُ الإمامِ مسلمٍ في ترتيبِهِ إبرازُ الفوائدِ الإسناديَّةِ، وبيانُ عللِ الأحاديثِ (٣).


(١) الأنوار الكاشفة للمعلمي ١/ ٢٨.
(٢) انظر صحيح مسلم ١/ ٥.
(٣) وهذه الطريقة هي الأبرز في ترتيب الإمام مسلم لأحاديثه، لكنها ليست الوحيدة، فقد اعتمد الإمام مسلم بعبقريةٍ ترتيب أحاديثه، سنأتي على ذكر بعض منها عند الكلام على الطرق الأخرى في السبر، وقد ذكر الأئمة مقصد الإمام مسلم من ترتيب صحيحه ك «ابن الصلاح، والحافظ العراقي، والحافظ ابن حجر، والقسطلاني»، اقتصرنا على القول ب «الفوائد الإسنادية» على الإجمال، خشية الإطالة. انظر صيانة صحيح مسلم لابن الصلاح ص ٩٠، وشرح مسلم للنووي ١/ ٢٣، وشرح ألفية العراقي ١/ ٧٢، وهدي الساري لابن حجر ص ١٣، وشرح صحيح البخاري للقسطلاني ١/ ٢٠.

<<  <   >  >>