للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَآَحَادِهَا، وَأَفْرَادِهَا. مَعْرُوفِهَا، وَشَاذِّهَا وَمُنْكَرِهَا، وَمُعَلَّلِهَا، وَمَوضُوعِهَا، وَمُدْرَجِهَا، وَنَاسِخِهَا، وَمَنْسُوخِهَا» (١).

رابعاً: تخيُّرُ الأسانيدِ العاليَةِ والصَّحيحةِ، والبعدُ عنِ المنكراتِ والأباطيلِ: فتُملأُ الصَّفحاتُ بالأسانيدِ الكثيرةِ، التي لا طائلَ منهَا، ولا فائدةَ فيهَا، ممَّا يبعثُ الباحثَ على التَّقاعسِ في المضيِّ في دراسةِ الأسانيدِ وتتبُّعِهَا، أو الاختصارِ فيهَا بمَا يُخلُّ في دراسةِ الحديثِ والحكمِ عليهِ، وقدْ بوَّبَ الخطيبُ البغداديُّ «ت ٤٦٣ هـ» في «الجامعِ لأخلاقِ الرَّاوي» بعنوانِ «مَا ينبغي أنْ يُصْدَفَ عنِ الاشتغالِ بهِ في الانتقاءِ»، ثمَّ قالَ: «يَنْبَغِي لِلْمُنْتَخِبِ أَنْ يَقْصِدَ تَخَيُّرَ الأَسَانِيدِ العَالِيَةِ، وَالطُّرُقِ الوَاضِحَةِ، وَالأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، وَالرِّوَايَاتِ المُسْتَقِيمَةِ، وَلَا يُذْهِبَ وَقَتَهُ فِي التُّرَّهَاتِ مِنْ تَتَبُّعِ الأَبَاطِيلِ وَالمَوضُوعَاتِ وَتَطَلُّبِ الغَرَائِبِ وَالمُنْكَرَاتِ» (٢). ثمَّ قالَ مبيِّنَاً الغرائبَ التي يجبُ الابتعادُ عنْ انتقائِهَا: «وَالغَرَائِبُ التِي كَرِهَ العُلَمَاءُ الاشْتِغَالَ بِهَا، وَقَطْعَ الأَوقَاتِ فِي طَلَبِهَا، إِنَّمَا هِيَ مَا حَكَمَ أَهْلُ المَعْرِفَةِ بِبُطْلَانِهِ، لِكَونِ رُوُاتِهِ مِمَّنْ يَضَعُ الحَدِيثَ، أَوْ يَدَّعِي السَّمَاعَ، فَأَمَّا مَا اسْتُغْرِبَ لِتَفَرُّدِ رَاوِيهِ بِهِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ فَذَلِكَ يَلْزَمُ كَتْبُهُ وَيَجِبُ سَمَاعُهُ وَحِفْظُهُ» (٣).

ولتجنُّبِ الوقوعِ في ذلكَ على الباحثِ الالتزامُ بجمعِ طرقِ الحديثِ منَ المصنَّفاتِ الحديثيَّةِ التي أشرتُ إليهَا في مبحثِ «المصنَّفاتُ الحديثيَّةُ المسندةُ التي يُعتمدُ عليهَا في السَّبرِ» (٤) والابتعادُ عنْ كتبِ الغرائِبِ والأفرادِ، والموضوعاتِ.

* * *


(١) شرح صحيح مسلم للنووي ١/ ٣.
(٢) الجامع لأخلاق الراوي ٢/ ١٥٩.
(٣) المصدر ذاته ٢/ ١٦٠.
(٤) انظر ص ١٤٦ وما بعدها.

<<  <   >  >>