للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المَطْلَبُ الثَّانِي: حُكْمُ الحَدِيثِ الفَرْدِ وَالغَرِيبِ:

الحكمُ على الحديثِ الفردِ والغريبِ يخضعُ إلى استيفاءِ كلٍّ منهُمَا شروطَ الصِّحَّةِ أو الحُسْنِ أو عدمِ استيفائِهِمَا لذلكَ، قالَ النَّوويُّ «ت ٦٧٦ هـ»: «وَإِذَا انْتَفَتِ المُتَابَعَاتُ وَتَمَحَّضَ فَرْدَاً فَلَهُ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ:

حَالٌ يَكُونُ مُخَالِفَاً لِرِوَايَةِ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ فَهَذَا ضَعِيفٌ، وَيُسَمَّى: شَاذَّاً وَمُنْكَرَاً.

وَحَالٌ لا يَكُونُ مُخَالِفَاً، وَيَكُونُ هَذَا الرَّاوِي حَافِظَاً ضَابِطَاً مُتْقِنَاً، فَيَكُونُ صَحِيحَاً.

وَحَالٌ يَكُونُ قَاصِرَاً عَنْ هَذَا، وَلَكِنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ دَرَجَتِهِ، فَيَكُونُ حَدِيثُهُ حَسَنَاً.

وَحَالٌ يَكُونُ بَعِيدَاً عَنْ حَالِهِ، فَيَكُونُ شَاذَّاً وَمُنْكَرَاً مَرْدُودَاً» (١).

وذكرَ شيخُنَا محمَّدُ عجاجٍ حالةً - يُمكنُ أنْ نجعلَهَا خامسةً - فقالَ: «إِذَا كَانَ المُتَفَرِّدُ بِالحَدِيثِ وَالمُخَالِفُ لَهُ مُتَسَاوِيَينِ فِي الحِفْظِ وَالضَّبْطِ، وَلَا يُمْكِنُ تَرْجِيحُ مَرْوِيِّ أَحَدِهِمَا عَلَى الآَخَرِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي كُلِّ الشُّرُوطِ، حِينَئِذٍ يَكُونُ المَرْوِيُّ مُضْطَرِبَاً» (٢).

قالَ شيخُنَا نورُ الدِّينِ: «وَهَذَا ظَاهِرٌ - أَي الأَحْكَامُ السَّابِقَةُ عَلَى الحَدِيثِ الفَرْدِ وَالغَرِيبِ - بِالنِّسْبَةِ لِلْغَرِيبِ سَنَدَاً وَمَتْنَاً، وَلِلْفَرْدِ المُطْلَقِ.


(١) شرح النووي على صحيح مسلم ١/ ٣٤.
والفرقُ بين الحالتين الأولى والرابعة، أن الأولى مخالفة الراوي من هو أحفظ منه، والرابعة لروايته المناكير، ولو لم يخالف غيره.
(٢) أصول الحديث ص ٢٣٦. علماً أن المضطرب قد يكون من راوٍ أو أكثر على ما سيأتي بيانه في «المضطرب».

<<  <   >  >>