للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المَطْلَبُ الثَّانِي: الرُّوَاةُ الذِينَ يَصْلُحُ حَدِيثُهُمْ لِلْاِعْتِبَارِ:

لأهميَّةِ هذَا النَّوعِ مِنَ الرُّواةِ، فقدْ أشارَ الحَاكمُ «ت ٤٠٥ هـ» إلى أنَّ ابنَ المدينيِّ ألَّفَ كتاباً في الرُّواةِ الذينَ لا يسقطُ حديثُهُمْ ولا يُحتجُّ بهِ، فقالَ عندَ ذكرِهِ للنَّوعِ الحادي والخمسينَ مِنْ علومِ الحديثِ: «هَذَا النَّوعُ مِنْ هَذِهِ العُلُومِ: مَعْرِفَةُ جَمَاعَةٍ مِنَ الرُّوَاةِ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ، لَمْ يُحْتَجَّ بِحَدِيثِهِمْ فِي الصَّحِيحِ وَلَمْ يَسْقُطُوا، قَدْ ذَكَرْتُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ مُصَنَّفَاتِ عَلِيِّ بنِ المَدِينِيِّ رَحِمَهُ اللهُ كِتَابَاً مُتَرْجَمَاً بِهَذِهِ الصِّفَةِ، غَيرَ أَنِّي لَمْ أَرَ الكِتَابَ قَطْ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَيهِ، وَهَذَا عِلْمٌ حَسَنٌ فَإِنَّ فِي رُوَاةِ الأَخْبَارِ جَمَاعَةً بِهَذِهِ الصِّفَةِ» (١). وكانَ قدْ ذكرَهُ في معرضِ سردِهِ لمصنَّفاتِ ابنِ المدينيِّ، فقالَ: «كتابُ مَنْ لا يُحتجُّ بحديثِهِ ولا يسقطُ، جُزْآنِ» (٢).

وقالَ ابنُ الصَّلاحِ «ت ٦٤٣ هـ»: «ثُمَّ اِعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ يَدْخُلُ فِي بَابِ المُتَابَعَةِ وَالاِسْتِشْهَادِ رِوَايَةُ مَنْ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ وَحْدَهُ، بَلْ يَكُونُ مَعْدُودَاً فِي الضُّعَفَاءِ. وَفِي كِتَابِ البُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ جَمَاعَةٌ مِنَ الضُّعَفَاءِ ذِكْرَاهُمْ فِي الُمتَابَعَاتِ وَالشَّوَاهِدِ، وَلَيسَ كُلُّ ضَعِيفٍ يَصْلُحُ لِذَلِكَ، وَلِهَذَا يَقُولُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيرُهُ فِي الضُّعَفَاءِ: «فُلَانٌ يُعْتَبَرُ بِهِ» وَ «فُلَانٌ لَا يُعْتَبَرُ بِهِ» (٣).

وقدْ ذكرَ أئمَّةُ الجرحِ والتَّعديلِ الرُّواةَ الذينَ يُعتبرُ بحديثِهِمْ في المتابعاتِ والشَّواهدِ، في مباحثِ ألفاظِ الجرحِ والتَّعديلِ، قالَ ابنُ أبي حاتمٍ «ت ٣٢٧ هـ»: «وَإِذَا قِيلَ: «صَالِحُ


(١) معرفة علوم الحديث ص ٢٥٤.
(٢) المصدر ذاته ص ٧١.
(٣) مقدمة ابن الصلاح ص ٨٤.

<<  <   >  >>