للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البَابُ الثَّانِي أَثَرُ السَّبْرِ فِي الحُكْمِ عَلَى الرِّجَالِ ومرويَّاتِهِمْ

الفَصْلُ الأَوَّلُ: أَثَرُ السَّبْرِ فِي الحُكْمِ عَلَى الرِّجَالِ:

المَبْحَثُ الأَوَّلُ: الحُكْمُ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ خِلَالِ السَّبْرِ:

وضعَ أئمَّةُ الحديثِ شروطَاً للرَّاوي حتَّى يُقبلَ حديثُهُ ويحتجَّ بِهِ، وبيَّنُوا صفاتِ منْ تُقبلُ روايتُهُ ومنْ تُردُّ، وقدْ جمعهَا ابنُ الصَّلاحِ «ت ٦٤٣ هـ» في مقدِّمتهِ، فقالَ: «أَجْمَعَ جَمَاهِيرُ أَئِمَّةِ الحَدِيثِ وَالفِقْهِ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يُحْتَجُّ بِرِوَايَتِهِ: أَنْ يَكُونَ عَدْلَاً ضَابِطَاً لِمَا يَرْوِيِهِ.

وَتَفْصِيلُهُ: أَنْ يَكُونَ مُسْلِمَاً بَالِغَاً عَاقِلَاً سَالِمَاً مِنْ أَسْبَابِ الفِسْقِ وَخَوَارِمِ المُرُوءَةِ، مُتَيَقِّظَاً غَيرَ مُغَفَّلٍ، حَافِظَاً إِنْ حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ، ضَابِطَاً لِكِتَابِهِ إِنْ حَدَّثَ مِنْ كِتَابِهِ، وَإِنْ كَانَ يُحَدِّثُ بِالمَعْنَى اشْتُرِطَ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عَالِمَاً بِمَا يُحِيلُ المَعَانِي» (١).

ويرجعُ كلامُ ابنِ الصَّلاحِ إلى صفتَينِ اثنتَينِ، وهمَا: العدالةُ والضَّبطُ، فالعدالَةُ تخصُّ حالَ الرَّاوي، والضَّبطُ يخصُّ مرويَّاتِهِ، ولا بُدَّ في الرَّاوي حتَّى يُحكَمَ بتوثيقِهِ ويُعمَلَ بحديثِهِ، أنْ يجتمعَ فيهِ رُكنَا العدالَةِ والضَّبطِ معَاً، ولا يكفِي أحدهُمَا بدونِ الآخرِ.


(١) مقدمة ابن الصلاح ١/ ١٠٤.

<<  <   >  >>