للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطَّريقةُ الثَّانيةُ: وهيَ طريقةُ النَّسائيِّ في سننِهِ الكبرى، والتِّرمذيِّ في سننِهِ كذلكَ، وهيَ بعكسِ طريقةِ الإمامِ مسلمٍ، فيبدأانِ بإيرادِ الأحاديثِ غريبَةِ الإسنادِ لبيانِ ما فيهَا منْ عللٍ، ثمَّ يوردانِ الصَّحيحَ منَ الإسنادِ، قالَ ابنُ رجبٍ الحنبليُّ «ت ٧٩٥ هـ»: «وَقَدِ اعْتُرِضَ عَلَى التِّرْمِذِيِّ بِأَنَّهُ فِي غَالِبِ الأَبْوَابِ يَبْدَأُ بِالأَحَادِيثِ الغَرِيبَةِ الإِسْنَادِ غَالِبَاً، وَلَيسَ ذَلِكَ بِعَيبٍ فَإِنَّهُ يُبَيِّنُ مَا فِيهَا مِنَ العِلَلِ، ثُمَّ يُبَيِّنُ الصَّحِيحَ فِي الإِسْنَادِ، وَكَانَ مَقْصِدُهُ ذِكْرَ العِلَلِ، وَلِهَذَا تَجِدُ النَّسَائِيَّ إِذَا اسْتَوعَبَ طُرُقَ الحَدِيثِ، بَدَأَ بِمَا هُوَ غَلَطٌ، ثُمَّ يَذْكُرُ بَعْدَ ذَلِكَ الصَّوَابَ المُخَالِفَ لَهُ» (١). ومقصدُهُما ذكرُ العللِ.

الطَّريقةُ الثَّالثةُ: وهيَ طريقةُ الإمامِ الحربيِّ «ت ٢٨٥ هـ» في كتابِهِ «غريبِ الحديثِ» (٢)، والبيهقيِّ «ت ٤٥٨ هـ» في سُننِهِ الكُبرَى، وابنِ حجرٍ «ت ٨٥٢ هـ» في «المطالبِ العاليةِ بزوائدِ الكتبِ الثَّمانيَةِ»، وهيَ أنْ يُقدِّمَ الحديثَ المرفوعَ ثم الموقوفَ ثم المقطوعَ (٣)، لأنَّ المرفوعَ هوَ الأصلُ في البابِ، ما لمْ يكنِ الأصحَّ وَقْفُهُ.

الطَّريقَةُ الرَّابعَةُ: وهيَ أحدُ الاعتباراتِ التي اعتمدَهَا الإمامُ مسلمٌ في ترتيبِهِ أحاديثَ الصَّحيحِ، وهيَ أنْ يُورِدَ الطُّرُقَ بحسبِ علوِّ الإسنادِ، فيبدأُ بالعالِي ثمَّ النَّازلِ


(١) شرح علل الترمذي ١/ ٤١١.
(٢) مجلة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة - العدد ١١٧ - الفصل الخامس: التخريج من طريق غريب ألفاظ الحديث المرتب على الراوي الأعلى - المبحث الثاني: التعريف بكتاب غريب الحديث للإمام الحربي.
(٣) والإمامان عبد الرزاق وابن أبي شيبة أوردا في مصنفيهما المرفوع والموقوف والمقطوع، لكنهما يوردان الأحاديث كيفما اتفق من غير الترتيب المذكور.

<<  <   >  >>