للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ ابنُ نُمَيرٍ (١) «ت ٢٣٤ هـ»: «صَدَقَ لَو قُلْتَ: مِنْ أَينَ؟ لَمْ يَكُنْ لَهُ جَوَابٌ» (٢).

وَقالَ أبو حاتمٍ الرَّازيُّ «ت ٢٧٧ هـ»: «مَثَلُ مَعْرِفَةِ الحَدِيثِ كَمَثَلِ فُصٍّ ثَمَنُهُ مِئَةُ دِينَارٍ، وَآَخَرَ مِثْلُهُ عَلَى لَونِهِ ثَمَنُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَكَمَا لا يَتَهَيَّأُ للنَّاقِدِ أَنْ يُخْبِرَ بِسَبَبِ نَقْدِهِ، فَكَذَلِكَ نَحْنُ رُزِقْنَا عِلْمَاً لا يَتَهَيَّأُ لنَا أَنْ نُخْبِرَ كَيفَ عَلِمْنَا بَأَنَّ هَذَا حَدِيثٌ كَذِبٌ وَأَنَّ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ إِلا بِمَا نَعْرِفُهُ» (٣).

وَقَدْ بوَّبَ الخطيبُ «ت ٤٦٣ هـ» لذلكَ بِقَولِهِ: «المَعْرِفَةُ بِالحَدِيثِ لَيسَتْ تَلْقِينَاً، وَإِنَّمَا هُوَ عِلْمٌ يُحْدِثُهُ اللهُ فِي القَلْبِ» (٤). وَأوردَ كلامَ الأئمَّةِ المتقدِّمِ في هذَا الشَّأنِ.

ومنْ ذلكَ أيضاً قولُ ابنُ القَيِّمِ (٥) «ت ٧٥١ هـ»: «وَمَعْرِفَةُ هَذَا الشَّأنِ وَعِلَلِهِ ذَوقٌ وَنُورٌ يَقْذِفُهُ اللهُ فِي القَلْبِ، يَقطعُ بهِ مَنْ ذَاقَهُ وَلا يَشُكُّ فِيهِ، وَمَنْ لَيسَ لَهُ هَذَا الذَّوقُ لا شُعُورَ لَهُ بِهِ، وَهَذَا كَنَقْدِ الدَّرَاهِمِ لأَرْبَابِهِ، فِيهِ ذَوقٌ وَمَعْرِفَةٌ لَيسَتَا لِكِبَارِ العُلَمَاءِ» (٦).

وَنُجِيبُ عنْ هذَا الإشكالِ المُخْتَلَقِ بِمَا يأتي:


(١) محمد بن عبد الله بن نمير، أبو عبد الرحمن الهمذاني، الخارفي، « … -٢٣٤ هـ»، من الحفاظ، روى له مسلم «٢٢» حديثاً، والبخاري «٥٧٣» حديثاً. انظر التاريخ الكبير ١/ ١٤٤، وتذكرة الحفاظ ٢/ ٤٣٩.
(٢) الجامع لأخلاق الراوي ٢/ ٢٥٥.
(٣) الجرح والتعديل ١/ ٣٥١.
(٤) الجامع لأخلاق الراوي ٢/ ٢٥٥.
(٥) محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي، الدمشقي، أبو عبد الله، المشهور ب «ابن قيم الجوزية»، «٦٩١ هـ-٧٥١ هـ»، من كبار العلماء، وله مصنفات كثيرة، منها: «إعلام الموقعين»، و «الفروسية»، و «السياسة الشرعية». انظر الدرر الكامنة ١/ ٤٨٠، والأعلام للزركلي ٦/ ٥٦.
(٦) الفروسية ١/ ٢٣٥.

<<  <   >  >>