للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعمدةُ في التَّفريقِ بينَهُمَا للدَّلائلِ والقرائنِ، قالَ ابنُ حجرٍ «ت ٨٥٢ هـ»: «وَفِي الجُمْلَةِ إِذَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى إِدْرَاجِ جُمْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ، بِحَيثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ ذَلِكَ فَسَوَاءٌ كَانَ فِي الأَوَّلِ أَوْ الوَسَطِ أَوْ الآَخِرِ، فَإِنَّ سَبَبَ ذَلِكَ الاِخْتِصَارُ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ بِحَذْفِ أَدَاةِ التَّفْسِيرِ، أَوْ التَّفْصِيلُ، فَيَجِيءُ مَنْ بَعْدَهُ فَيَرْوِيهِ مُدْمَجَاً مِنْ غَيرِ تَفْصِيلٍ، فَيَقَعُ ذَلِكَ» (١).

ومِنَ الدَّلائلِ التي تَفْرِقُ زيادةَ الثِّقةِ عنْ الزِّيادةِ المدرجةِ ما يأتي (٢):

أولاً: تصريحُ الرَّاوي بالإدراجِ: بأنْ تتواردَ طُرقُ الحديثِ على بيانِ أنَّ الزِّيادةَ المدرجَةَ مِنْ كلامِ الرَّاوي، وليستْ مِنْ كلامِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، مخالفينَ بذلكَ مَنْ رواهُ مُتَّصلاً مِنْ غيرِ فصلٍ للزِّيادةِ المُدرجةِ، كمَا في حديثِ أبي هُريرةَ -رضي الله عنه- المتقدِّمِ: «أَسْبِغُوا الوُضُوءَ، وَيلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ». قالَ السُّيوطيُّ «ت ٩١١ هـ»: «أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَةَ، وَهِمَ فِيهِ شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ وَأَبُو قَطَنٍ، وَالمَرْفُوعُ مِنْهُ «وَيلٌ … إِلَى آَخِرِهِ» وَصَدْرُهُ مُدْرَجٌ، كَذَا مَيَّزَهُ سَائِرُ الرُّوَاةِ، مِنْهُمْ: مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِهِ بِلَفْظِ: "كَانَ أَبُو هُرَيرَةَ -رضي الله عنه- يَاتِي عَلَى النَّاسِ وَهُمْ يَتَوَضَّؤُونَ، فَيَقُولُ لَهُمْ: أَسْبِغُوا الوُضُوءَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا القَاسِمِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «وَيلٌ لِلْاعَقَابِ مِنَ النَّارِ»» (٣).

أو أنْ يُصرِّحَ الرَّاوي بأنَّ الزِّيادةَ مِنْ كلامِهِ لا مِنْ حديثِ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، كحديثِ ابنِ مسعودٍ -رضي الله عنه-، قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: «مَنْ جَعَلَ للهِ نِدَّاً


(١) النكت لابن حجر ٢/ ٨٢٩.
(٢) انظر اليواقيت والدرر ٢/ ٨٣.
(٣) تسهيل المدرج إلى المدرج ص ٥٢. وأخرجه البخاري «ر ٦٠»، ومسلم «ر ٢٤٠».

<<  <   >  >>