للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جَعَلَهُ اللهُ فِي النَّارِ». ثمَّ قالَ ابنُ مسعودٍ -رضي الله عنه-: «وَأُخْرَى أَقُولُهَا لَمْ أَسْمَعْهَا مِنْهُ: مَنْ مَاتَ لَا يَجْعَلُ للهِ نِدَّاً أَدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ». وقدْ روى أحمدُ بنُ عبدِ الجبَّارِ العُطارديُّ الحديثَ كلِّهِ مِنْ غيرِ فصلٍ بينَ كلامِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وقولِ ابنِ مسعودٍ -رضي الله عنه- (١). وقدْ رُويَ مُفصَّلاً منْ طرقٍ أخرى.

ثانياً: تنصيصُ الأئمَّةِ على ذلكَ: مثالُهُ: حديثُ البراءِ -رضي الله عنه-: «أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيهِ حَتَّى حَاذَى بِهِمَا إِلَى أُذُنَيهِ، ثُمَّ لَمْ يَعُدْ إِلَى شَيءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ». قالَ السُّيوطيُّ «ت ٩١١ هـ»: «قَولُهُ: "ثُمَّ لَمْ يَعُدْ" مُدْرَجٌ مِنْ زِيَادَةِ يَزِيدِ بنِ أَبِي زِيَادٍ، نَبَّهَ عَلَيهِ ابنُ عُيَينَةَ» (٢).

ثَالِثَاً: أنْ يمتنعَ صُدورُ ذلكَ الكلامِ منَ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: فيدلُّ السِّياقُ على أنَّ اللَّفظةَ لا يُمكنُ أنْ تكونَ مِنْ قولِهِ -صلى الله عليه وسلم-، فغالبَاً ما تكونُ الزِّيادةُ المدرجةُ تفسيرَاً لغريبٍ، أو بيانَاً لحكمٍ شرعيٍّ، أو تعليلَاً لحكمٍ ضمنَ الحديثِ، والفيصلُ الرَّئيسُ ما بينَ زيادةِ الثِّقةِ والزِّيادةِ المدرجةِ هوَ أنَّ زيادةَ الثِّقةِ تكونُ يقينَاً مِنْ كلامِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، والزِّيادةُ المدرجةُ يترجَّحُ يقينَاً أنَّها مِنْ كلامِ الرُّواةِ. قالَ ابنُ القيِّمِ (٣) «ت ٧٥١ هـ»: «وَأَمَّا قَولُهُ: "فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ" فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مُدْرَجَةٌ فِي الحَدِيثِ مِنْ كَلَامِ أَبِي هُرَيرَةَ لَا مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- … قَالَ شَيخُنَا


(١) انظر تفصيل ذلك في المصدر السابق ص ٣٧.
(٢) المصدر ذاته ص ١٩ و ٢٠.
(٣) محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي، الدمشقي، أبو عبد الله، شمس الدين، ابن قيم الجوزية، «٦٩١ هـ - ٧٥١ هـ»، له تصانيف كثيرة، منها: «إعلام الموقعين»، و «الطرق الحكمية في السياسة الشرعية»، وغيرها كثير جداً. انظر معجم المحدثين ص ٢٦٩، والمقصد الأرشد لابن مفلح ٢/ ٣٨٤.

<<  <   >  >>