للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- ابْنُ تَيمِيَّةَ -: "هَذِهِ اللَّفْظَةُ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَإِنَّ الغُرَّةَ لَا تَكُونُ فِي اليَدِ، وَلَا تَكُونُ إِلَّا فِي الوَجْهِ، وَإِطَالَتُهَا غَيرُ مُمْكِنَةٍ، إِذْ تَدْخُلُ فِي الرَّاسِ فَلَا تُسَمَّى تِلْكَ غُرَّةٌ"» (١).

وكحديثِ أبي هُريرةَ -رضي الله عنه-، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لِلْعَبْدِ المَمْلُوكِ أَجْرَانِ، وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَولَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَالحَجُّ، وَبِرُّ أُمِّي، لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ». فقولُهُ: «وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ … ». ممَّا تستحيلُ نسبتُهُ إلى النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، إِذْ لا يجوزُ في حقِّهِ أنْ يتمنَّى الرِّقَّ، ولَمْ تكنْ لَهُ أمٌّ يبرُّهَا، ومنْ خلالِ السَّبرِ وجمعِ الطُّرقِ تبينَ أنَّهُ منْ كلامِ أبي هُريرةَ -رضي الله عنه- (٢).

رابعاً: أنْ يُصرِّحَ بعضُ الرُّواةِ بتفصيلِ الزِّيادةِ المدرجةِ: مثالُهُ: حديثُ شعبةَ، عنْ أنسِ بنِ سيرينَ، أنَّهُ سمعَ ابنَ عمرَ -رضي الله عنه- يقولُ: طلَّقتُ امرأتي وهيَ حائضٌ، فذكرَ عمرُ -رضي الله عنه- ذلكَ للنَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فقالَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، فَإِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْهَا». قالَ: فتُحتسبُ بالتَّطليقةِ؟ قالَ: فَمَهْ. قالَ الخطيبُ «ت ٦٤٣ هـ»: «وَالصَّوَابُ: أَنَّ الاِسْتِفْهَامَ مِنْ قَولِ أَنَسِ بنِ سِيرِينَ، وَأَنَّ جَوَابَهُ مِنْ قَولِ ابنِ عُمَرَ -رضي الله عنه-» (٣).

ومنْ خلالِ السَّبرِ فقدْ رواهُ جماعةٌ عنْ شعبةَ بنسبةِ السُّؤالِ إلى ابنِ سيرينَ، والجوابِ إلى ابنِ عمرَ -رضي الله عنه- (٤). وسيأتي تفصيلُهُ في آخرِ هذَا المبحثِ.


(١) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ص ١٣٨.
(٢) انظر تفصيل ذلك في كتاب تسهيل المدرج إلى المدرج ص ٥٦. وقد رجح ابن حجر القول بالإدراج بوروده من طرق أخرى تفصل الزيادة المدرجة. انظر فتح الباري ٥/ ١٧٦.
(٣) الفصل للوصل المدرج في النقل ١/ ١٥٥.
(٤) انظر تفصيل ذلك في تسهيل المدرج إلى المدرج ص ٣٣.

<<  <   >  >>