للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذَا هوَ المنهجُ الأشهرُ والأكثرُ ممارسةً عندَ المحدِّثينَ، وهوَ الميزانُ الذي يتمُّ منْ خلالِهِ التَّعرُّفُ على ضبطِ الرَّاوِي كشرطٍ لقبولِ حديثِهِ، وصورَتُهُ: أنْ يعمدَ المحدِّثُ إلَى جمعِ جميعِ مرويَّاتِ الرَّاوي «الأسانيدِ والمتونِ»، ومنْ ثُمَّ يعارضُهَا بمرويَّاتِ الثِّقاتِ والأثباتِ ممَّنْ هُمْ في طبقتِهِ واشتركُوا معَهُ في الرِّوايةِ، للتَّعرُّفِ علَى دقَّةِ ضبطِهِ للحدِيثِ، قالَ ابنُ الصَّلاحِ «ت ٦٤٣ هـ»: «يُعْرَفُ كَونُ الرَّاوِي ضَابِطَاً بَأَنْ تُعْتَبَرَ رِوَايَاتُهُ بِرِوَايَاتِ الثِّقَاتِ المَعْرُوفِينَ بِالضَّبْطِ وَالإِتْقَانِ، فَإِنْ وَجَدْنَا رِوَايَاتِهِ مُوَافِقَةً وَلَو مِنْ حَيثُ المَعْنَى لِرِوَايَاتِهِمْ، أو مُوَافِقَةً لَهَا فِي الأَغْلَبِ وَالمُخَالَفَةُ نَادِرَةٌ، عَرَفْنَا حِينَئِذٍ كَونَهُ ضَابِطَاً ثَبْتَاً، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ كَثِيرَ المُخَالَفَةِ لهمْ، عَرَفْنَا اخْتِلالَ ضَبْطِهِ، وَلَمْ نَحْتَجَّ بِحَدِيثِهِ» (١).

وقالَ الذَّهبيُّ «ت ٧٤٨ هـ»: «ثُمَّ اِعْلَمْ أَنَّ أَكْثَرَ المُتَكَلَّمِ فِيهِمْ، مَا ضَعَّفَهُمُ الحُفَّاظُ إِلا لِمُخَالَفَتِهِمُ الأَثْبَاتِ» (٢).

وسبيلُ معرفةِ المخالفةِ أو الموافقةِ هوَ السَّبرُ، قالَ ابنُ حبَّانَ «ت ٣٥٤ هـ»: «مَنْ كَانَ مُنْكَرَ الحَدِيثِ عَلَى قِلَّتِهِ لا يَجُوزُ تَعْدِيلُهُ إِلا بَعْدَ السَّبْرِ» (٣). وهذهِ بعضُ الأمثلةِ على سبرِ أئمَّةِ الجرحِ والتَّعديلِ للرُّواةِ، والحكمِ عليهِمْ منْ خِلالِ ذلكَ:

قالَ يحيَى القطَّانُ «ت ١٩٨ هـ»: «إِذَا حَدَّثَكُمُ المُعْتَمِرُ بنُ سُلَيمَانَ بِشَيءٍ فَاعْرِضُوهُ، فَإِنَّهُ سَيِّءُ الحِفْظِ» (٤).


(١) مقدمة ابن الصلاح ص ٦١.
(٢) الموقظة في علوم الحديث ٣/ ٥٢.
(٣) المجروحين ١/ ٣١٤.
(٤) الكفاية في علوم الرواية ١/ ٢٢٣.

<<  <   >  >>