وعلَى هذَا فجميعُ كتُبِ الأصولِ الحديثيَّةِ التي يُعتمَدُ عليهَا في علْمِ الحديثِ بُنيتْ على هذَا الأساسِ، وهوَ السَّبرُ للمرويَّاتِ ومعارضتُهَا، لكشفِ عللِ الحديثِ، وإبرازِ فوائدِهِ، والحكمِ على الرِّجالِ، والاعتبارِ بمرويَّاتِهِم، وسنبيِّنُ أهمَّ المصنَّفاتِ الحديثيَّةِ التي برزَ السَّبرُ فيها بشكلٍ جليٍّ، معَ الإشارَةِ إلى بعضِهَا فقطْ، وفقَ التَّصنيفِ الآتِي:
* * *
أولاً: كتبُ الحديثِ الشَّريفِ:
وهيَ المصنَّفاتُ التي جمعتِ الأحاديثَ النبويَّةَ الشَّريفةَ بأسانيدِهَا إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، ككتبِ الصحيحِ، والسُّننِ، والمصنَّفاتِ، والمسانيدِ، والمعاجمِ، وإليكَ بيانُ منهجِ اثنينِ منْ هذهِ الكتبِ في جمعِ طرقِ الحديثِ:
١ - صَحِيحُ مُسلِمٍ: ويطلقُ عليهِ «المسندُ الصَّحيحُ» أو «الجامعُ الصَّحيحُ»، وهوَ للإمامِ مسلمٍ بنِ الحجَّاجِ القُشيريِّ النَّيسابوريِّ «٢٠٦ هـ - ٢٦١ هـ»، وقدْ ذكرتُ صحيحَ مسلمٍ دونَ البخاريِّ - معَ أفضليَّةِ الأخيرِ عندَ المحدِّثينَ - لبروزِ السَّبرِ فيهِ بشكلٍ جليٍّ، وهوَ منهجُ الإمامِ مسلمٍ في صحيحِهِ، حيثُ جعلَ لكُلِّ حديثٍ موضِعَاً واحداً جمعَ فيهِ طرقَهُ التي ارتضاهَا واختارَ فيهَا أسانيدَهُ المتعدِّدةِ وألفاظَهُ المختلفَةِ، ليسهُلَ النَّظرُ في وجوهِ الحديثِ وما بينَ سندِهِ ومتنِهِ من فروقٍ، وهذا هوَ السَّبرُ عينُهُ، قال الإمام النووي «ت ٦٧٦ هـ»: «وَقَدِ انْفَرَدَ مُسْلِمٌ بِفَائِدَةٍ حَسَنَةٍ، وَهِيَ كَونُهُ أَسْهَلُ مُتَنَاوَلَاً مِنْ حَيثُ إِنَّهُ جَعَلَ لِكُلِّ حَدِيثٍ مَوضِعَاً وَاحِدَاً يَلِيقُ بِهِ، جَمَعَ فِيهِ طُرُقَهُ التِي ارْتَضَاهَا، وَاخْتَارَ ذِكْرَهَا، وَأَورَدَ فِيهِ أَسَانِيدَهُ المُتَعَدِّدَةَ، وَأَلْفَاظَهُ المُخْتَلِفَةَ، فَيَسْهُلُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute