للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رِوَايَاتِ الثِّقَاتِ المَعْرُوفِينَ مِنَ الحُفَّاظِ» (١). وقالَ الذَّهبيُّ «ت ٧٤٨ هـ»: «أَكْثَرُ المُتَكَلَّمِ فِيهِمْ مَا ضَعَّفَهُمُ الحُفَّاظُ إِلَّا لِمُخَالَفَتِهِمُ الأَثْبَاتَ» (٢). وقال المُعَلِّميُّ «ت ١٣٨٦ هـ»: «مِنَ الأَئِمَّةِ مَنْ لَا يُوَثِّقُ مَنْ تَقَدَّمَهُ حَتَّى يَطَّلِعَ عَلَى عِدَّةِ أَحَادِيثَ لَهُ تَكُونُ مُسْتَقِيمَةً، وَتَكْثُرُ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الاِسْتِقَامَةَ كَانَتْ مَلَكَةً لِذَلِكَ الرَّاوِي، وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ جُلَّ اعْتِمَادِهِمْ فِي التَّوثِيقِ وَالجَرْحِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى سَبْرِ حَدِيثِ الرَّاوِي» (٣).

فضبطُ الراوي واستقامَةُ حديثِهِ تُعرفُ من خلالِ عرضِ رواياتِهِ على رواياتِ الثِّقاتِ، ليتبينَ قدرُ موافقتِهِ أو مخالفتِهِ أو تفرُّدِهِ، ويُعتبرُ حالُهُ في الإتقانِ بقدرِ ما وافقَ فيهِ الثِّقاتَ، وحالُهُ في الجرحِ بحسبِ ما تفرَّدَ بهِ، أو خالفَ فيهِ الثِّقَاتَ، أو وافقَ المجروحينَ.

وبذلكَ نجدُ أنَّ أئمَّةَ الحديثِ والرِّجالِ فرَّقوا بينَ العدالةِ والضَّبطِ في استخدامِهِمْ للسَّبرِ وإليكَ بعضُ الأمثلةِ على ذلك:

ساقَ الخطيبُ بسندِهِ قولَ ابنِ معينٍ «ت ٢٣٣ هـ» في «حاجبِ بنِ الوليدِ»: «لَا أَعْرِفُهُ، وَأَمَّا أَحَادِيثُهُ فَصَحِيحَةٌ». قالَ عبدُ الخالقِ بنُ منصورٍ: فقلتُ لابنِ معينٍ: ترى أنْ أكتبَ عنهُ؟ فقالَ: «مَا أَعْرِفُهُ، وَهُوَ صَحِيحُ الحَدِيثِ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ» (٤).


(١) التمييز ١/ ٢٠٩.
(٢) الموقظة للذهبي ص ٥٢.
(٣) التنكيل للمعلمي ١/ ٦٦.
(٤) تاريخ بغداد ٨/ ٢٧٠/ ٤٣٦٧.

<<  <   >  >>