للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وممَّنْ قالَ بثبوتِ عدالتِهِ العجليُّ (١) وابنُ حبَّانَ وشيخُهُ ابنِ خُزيمةَ والدَّارقُطنيُّ (٢)، وأكثرُ مَنْ اشتهرَ بذلكَ ابنُ حبَّانَ حيثُ رأَى أنَّ الرَّاوي الذي لمْ تُعلَمْ سيرتُهُ إلَّا مِنْ جهَةِ رواياتِهِ، فنحكُمُ عليهِ مِنْ خلالِ سبرِ حديثِهِ، فإذَا سلمتْ منَ النَّكارَةِ حُكِمَ بثقتِهِ، وإلَّا حُكِمَ بضعفِهِ، إذْ الأصلُ عندَهُ أنَّ الرُّواةَ على العدالَةِ ما لمْ يتبيَّنْ ما يقدحُ فيهَا، وقدْ بيَّنَ هذهِ القاعدةَ في مقدِّمةِ كتبِهِ «الثِّقاتِ، والمجروحينَ، والصَّحيحِ»، وطبَّقهَا فيهِمْ أيضَاً، ومنْ جرَّاءِ ذلكَ صُنِّفَ منَ المتساهلينَ في توثيقِ المجهولينَ، وقدْ بيَّنَ ابنُ حجرٍ «ت ٨٥٢ هـ» قاعدةَ ابنِ حبَّانَ في ذلكَ، فقالَ: «يَذْكُرُ فِي كِتَابِ «الثِّقَاتِ» كُلَّ مَجْهُولٍ رَوَى عَنْهُ ثِقَةٌ، وَلَمْ يُجْرَحْ، وَلَمْ يَكُنِ الحَدِيثُ الذِي يَرْوِيهِ مُنْكَرَاً، هَذِهِ قَاعِدَتُهُ» (٣).


(١) قال المعلمي: «وتوثيقُ العجليِّ وجدته بالاستقراء كتوثيق ابن حبَّان أو أوسع». الأنوار الكاشفة ١/ ٧٠.
* ومن الأمثلة على توثيق العجلي لمجاهيل:
منصور الكلبي: قال العجلي: «مصري، تابعي، ثقة». وقد جهَّله ابن المديني، وابن خزيمة، والذهبي، وابن حجر. انظر معرفة الثقات ر ١٧٩٧، والثقات ر ٥٥٥٠، وتهذيب الكمال ر ٦١٩٣، والكاشف ر ٥٦٤١.
عمارة بن حديد: قال العجلي: «حجازي، تابعي، ثقة». وقد جهله ابن المديني، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وابن عبد البر، والذهبي. انظر معرفة الثقات ر ١٣٢٤، والجرح والتعديل ر ٢٠٠٨، وتهذيب الكمال ر ٤١٧٩.
(٢) أشار لذلك اللكنويُّ «١٣٠٤ هـ»، فقال: «وعند الدارقطني: جهالة الوصف أيضاً ترتفع بها». أي: برواية اثنين عنه. انظر الرفع والتكميل ١/ ٢٤٨.
وألحق المعلمي في توثيق المجهولين: ابن سعد، وابن معين، والنسائي، فقال: «والعجلي قريب منه - أي من ابن حبان - في توثيق المجاهيل من القدماء، وكذلك ابن سعد، وابن معين، والنسائي، وآخرون غيرهم، يوثقون من كان من التابعين أو أتباعهم إذا وجدوا رواية أحدهم مستقيمة بأن يكون له فيما يروي متابع أو شاهد، وإن لم يرو عنه إلا واحد، ولم يبلغهم عنه إلا حديث واحد». انظر التنكيل للمعلمي ١/ ١٦٠.
(٣) لسان الميزان ١/ ٤٩٢.

<<  <   >  >>