للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - يُقبَلُ مطلقاً: وهوَ قولُ مَنْ ذكرنَاهُمْ ممَّنْ قالُوا بعدالَةِ مجهولِ الحالِ، فالأولَى قبولُ المستورِ عندهُمْ، وطريقتُهُمْ في معرفَةِ حالِهِ سبرُ حديثِهِ. وكذلكَ قولُ منْ حملَ النَّاسَ على العدالَةِ في الأصلِ، إلا أنَّ الذهبيَّ - وهوَ منْ أصحابِ هذَا الرأيِ - أخرجَ المستورَ ومجهولَ الحالِ منْ دائرةِ القبولِ، فقالَ: «وَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ المَسْتُورُ، فَإِنَّهُ غَيرُ مَشْهُورٍ بِالعِنَايَةِ بِالعِلْمِ، فَكُلُّ مَنِ اشْتَهَرَ بَينَ الحُفَّاظِ بِأَنَّهُ مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيثِ، وَأَنَّهُ مَعْرُوفٌ بِالعِنَايَةِ بِهَذَا الشَّانِ، ثُمَّ كَشَفُوا عَنْ أَخْبَارِهِ فَمَا وَجَدُوا فَيهِ تَلْيِينَاً، وَلَا اتَّفَقَ لَهمْ عَلَى عِلْمٍ بِأَنَّ أَحَدَاً وَثَّقَهُ، فَهَذَا الذِي عَنَاهُ الحَافِظُ وَأَنَّهُ يَكُونُ مَقْبُولَ الحَدِيثِ، إِلَى أَنْ يَلُوحَ فِيهِ جَرْحٌ» (١). وقالَ شيخُنَا نورُ الدِّينِ - بعدَ أنْ أوردَ انتقادَ ابنِ الصَّلاحِ لرأيِ ابنِ عبدِ البرِّ في هذهِ المسألةِ: «وَكَأَنَّ ابْنَ الصَّلَاحِ لَحَظَ في ذَلِكَ إِلَى الشِّبَهِ بِالمَسْتُورِ، لَكِنْ صَوَّبَ هَذَا القَولَ المُحَقِّقُونَ مِنْ أَهْلِ الحَدِيثِ، كَالجَزَرِيِّ، وَالمِزِّيِّ، وَالذَّهَبِيِّ، وَالسَّخَاوِيِّ، وَصَوَّرُوهُ بِمَا لَا يُشْبِهُ مَجْهُولَ الحَالِ» (٢).

بينما نجدُ أنَّ ابنَ سيِّدِ النَّاسِ عدَّ المستورَ المشتهرَ بالعلمِ ممَّنْ يُحمَلُ على العدالةِ مطلقاً، فقالَ: «وَلَو أَنَّ مَسْتُورَي الحَالِ فِي دِينِهِمَا تَعَارَضَا فِي نَقْلِ خَبَرٍ، وَأَحَدُهُمَا مَعْرُوفٌ بِطَلَبِ الحَدِيثِ وَكِتَابَتِهِ، وَالآَخَرُ لَيسَ كَذَلَكَ، لَكَانَتِ النَّاسُ إِلَى قَبُولِ خَبَرِ الطَّالِبِ أَمْيَلَ، وَلَا مَعْنَى لِهَذِهِ المَعْرِفَةِ إَلَّا مَزِيَّةُ طَلَبِ العِلْمِ» (٣).


(١) فتح المغيث ١/ ٣٠٠.
(٢) منهج النقد - د. نور الدين عتر ١/ ١٠٤.
(٣) الغاية في شرح الهداية ١/ ٦٥.

<<  <   >  >>