للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ النَّوويُّ «ت ٦٧٦ هـ»: «وَأَمَّا الضَّعْفُ لِفِسْقِ الرَّاوِي فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ مُوَافَقَةُ غَيرِهِ» (١). وقالَ الطَّيِّبيُّ «ت ٧٤٣ هـ»: «وَأَمَّا الضَّعِيفُ فَلِكَذِبِ رَاوِيهِ، أَوْ فِسْقِهِ، لَا يَنْجَبِرُ بِتَعَدُّدِ طُرُقِهِ» (٢). وهذا ما أوضحناهُ جلياً في نقطةِ «الرُّواةُ الذينَ يصلحُ حديثُهُمْ للاعتبارِ».

الثَّاني: مُتعلِّقٌ بالرِّوايةِ: كأنْ تكونَ الرِّوايةُ مُنكرةً، أو شاذَّةَ المتنِ أو الإسنادِ. قالَ ابنُ الصَّلاحِ «ت ٦٤٣ هـ»: «وَمِنْ ذَلِكَ ضَعْفٌ لَا يَزُولُ … لِقُوَّةِ الضَّعْفِ، وَتَقَاعُدِ هَذَا الجَابِرِ عَنْ جَبْرِهِ وَمُقَاوَمَتِهِ، وَذَلِكَ كَالضَّعْفِ الذِي يَنْشَأُ مِنْ كَونِ الحَدِيثِ شَاذَّاً» (٣). أي مُعارَضَاً برواياتِ الثِّقاتِ، لأنَّ الرِّوايةَ المخالفَةَ لمرويَّاتِ الثِّقاتِ مردودةٌ.

وقدْ اشترطَ ابنُ جماعةَ «ت ٧٣٣ هـ» خلوَّ الرِّوايةِ مِنَ العِلَّةِ، فقالَ: «الأَحْسَنُ فِي حَدِّ الحَسَنِ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مَا فِي إِسْنَادِهِ المُتَّصِلِ مَسْتُورٌ لَهُ بِهِ شَاهِدٌ، أَوْ مَشْهُورٌ قَاصِرٌ عَنْ دَرَجَةِ الإِتْقَانِ، وَخَلَا مِنَ العِلَّةِ وَالشُّذُوذِ» (٤). وردَّ الحافظُ ابنُ حجرٍ «ت ٨٥٢ هـ» على ابنِ جماعةَ، فقالَ: «اِشْتِرَاطُ نَفْيِ العِلَّةِ لَا يَصْلُحُ هُنَا، لِأَنَّ الضَّعْفَ فِي الرَّاوِي عِلَّةٌ فِي الخَبَرِ، وَالاِنْقِطَاعَ فِي الإِسْنَادِ عِلَّةُ في الخَبَرِ، وَعَنْعَنَةَ المُدَلِّسِ عِلَّةٌ فِي الخَبَرِ، وَجَهَالَةَ حَالِ الرَّاوِي عِلَّةٌ فِي الخَبَرِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالتِّرْمِذِيُّ يَحْكُمُ عَلَى


(١) التقريب ص ٢.
(٢) رسالة في أصول الحديث ص ٤٤.
(٣) مقدمة ابن الصلاح ص ٣٤.
(٤) المنهل الروي ص ٣٦.

<<  <   >  >>