للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالَ أيضَاً: «وَإِنَّمَا يُحْكَمُ لَهُ بِالصِّحَّةِ عِنْدَ تَعَدُّدِ الطُّرِقِ، لِأَنَّ لِلصُّورَةِ المَجْمُوعَةِ قُوَّةً تَجْبِرُ القَدْرَ الذِي قَصُرَ بِهِ ضَبْطُ رَاوِي الحَسَنِ عَنْ رَاوِي الصَّحِيحِ، وَمِنْ ثَمَّةَ تُطْلَقُ الصِّحَّةُ عَلَى الإِسْنَادِ الذِي يَكُونُ حَسَنَاً لِذَاتِهِ لَو تَفَرَّدَ إِذَا تَعَدَّدَ» (١).

ومنْ أمثلتِهِ: قوله -صلى الله عليه وسلم-: «اِسْتَنْزِهُوا مِنَ البَولِ، فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ القَبْرِ مِنْهُ». رواهُ الدَّارقطنيُّ مِنْ طريقِ ابنِ عونٍ، عَنْ محمَّدِ بنِ سيرينَ، عنْ أبي هريرةَ -رضي الله عنه-، وصحَّحَ إرسالَهُ (٢).

وقدْ تبيَّنَ منْ خلالِ السَّبرِ أنَّ للحديثِ طُرقاً أُخرى تشهدُ لهُ، وردتْ بلفظِ: «أَكْثَرُ عَذَابِ القَبْرِ مِنَ البَولِ». أخرجَهُ ابنُ أبي شيبةَ «ر ١٣٠٦»، وابنُ حنبلٍ «ر ٨٣١٣»، وابنُ ماجةَ «ر ٣٤٨»، والدَّارقُطنيُّ «١/ ١٢٨» وصحَّحهُ.

والحاكمُ «ر ٦٥٣»، وقالَ: «صحيحٌ على شرطِ الشَّيخينِ، ولا أعرفُ لهُ علَّةً، ولمْ يخرِّجاهُ ولهُ شاهدٌ مِنْ حديثِ أبي يحيى القتَّاتِ».

والبيهقيُّ «ر ٣٩٤٤»، وقالَ: «رواهُ أبو يحيى، عنْ مجاهدٍ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ -رضي الله عنه-، عنِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فزادَ فيهِ: "فتنزَّهُوا مِنَ البولِ"». فالحديثُ ينتهضُ بمجموعِ هذهِ الطُّرقِ إلى الصِّحَّةِ، ويصيرُ صحيحَاً لغيرِهِ (٣).

* * *


(١) المصدر ذاته ص ٧٨.
(٢) سنن الدارقطني ١/ ١٢٨.
(٣) انظر إعلام الأنام - د. نور الدين عتر- ١/ ٢٤٨.

<<  <   >  >>