للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - الغريبُ إسناداً لا متناً: وهوَ الحديثُ الذي اشتهرَ بورودِهِ منْ عدَّةِ طرقٍ عنْ راوٍ أو عنْ صحابيٍّ، أو عدَّةِ رواةٍ، ثمَّ تفرَّدَ بهِ راوٍ منْ وجهٍ آخرَ غيرِ ما اشتهرَ بهِ الحديثُ. وهوَ الذي يُعبِّرُ عنهُ التِّرمذيُّ بقولِهِ: «غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ». ويدخلُ فيهِ غريبُ بعضَ السَّندِ.

الفَرْقُ بَينَ الفَرْدِ وَالغَرِيبِ:

اختلفَ المحدِّثونَ في التَّفريقِ بينَ الفردِ والغريبِ لتقاربِهِمَا، هلْ همَا نوعٌ واحدٌ أو نوعانِ مفترقانِ، والقولُ المعتمدُ الذي عوَّلَ عليهِ كلُّ منْ ألَّفَ في علومِ الحديثِ ومصطلحِهِ في التَّفريقِ بينَ الفردِ والغريبِ، ما قالَهُ ابنُ حجرٍ «ت ٨٥٢ هـ»: «الغَرِيبُ وَالفَرْدُ مُتَرَادِفَانِ لُغَةً واصْطِلَاحَاً، إِلَّا أَنَّ أَهْلَ الاِصْطِلَاحِ غَايَرُوا بَينَهُمَا مِنْ حَيثُ كَثْرَةِ الاِسْتِعْمَالِ وَقِلَّتِهِ، فَالفَرْدُ أَكْثَرُ مَا يُطْلِقُونَهُ عَلَى الفَرْدِ المُطْلَقِ، وَالغَرِيبُ أَكْثَرُ مَا يُطْلِقُونَهُ عَلَى الفَرْدِ النِّسْبِيِّ» (١). فالفردُ ما تفرَّدَ بهِ الصَّحابيُّ عنِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، والغريبُ مَا تفرَّدَ بهِ التَّابعيُّ فمنْ بعدَهُ، قالَ شيخنُا محمَّد عجاج: «وَلَا يُطْلِقُ المُحَدِّثُونَ الغَرِيبَ عَلَى الفَرْدِ المُطْلَقِ الذِي لَيسَ لَهُ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- إِلَّا رَاوٍ وَاحِدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَو تَعَدَّدَتِ الطُّرُقُ إِلَيهِ، بَلْ يَقُولُونَ حَدِيثٌ فَرْدٌ، فَلَو تَفَرَّدَ عَنِ الصَّحَابِيِّ تَابِعِيٌّ فَهُوَ فَرْدٌ غَرِيبٌ» (٢).


(١) شرح نخبة الفكر للقاري ١/ ٢٣٩.
(٢) أصول الحديث ص ٢٣٧.

<<  <   >  >>