للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ الشَّافعيُّ «ت ٢٠٤ هـ»: «إِنَّمَا الشَّاذُّ أَنْ يَرْوِيَ الثِّقَةُ حَدِيثَاً يُخَالِفُ فِيهِ النَّاسَ» (١).

والمحفوظُ: مقابلُ الشَّاذِّ، وهوَ ما رواهُ الثِّقةُ مخالفَاً لمنْ هوَ دونَهُ في القبولِ (٢).

النُّقْطَةُ الثَّانِيَةُ: تَعْرِيفُ المُنْكَرُ:

المُنْكَرُ: لغةً: نكرَ الأمرَ نكيراً، وأنكرَهُ إنكارَاً ونُكرَاً: جَهِلَهُ (٣).

اصطلاحاً: ما رواهُ الضَّعيفُ مخالفَاً للثِّقةِ (٤).

قالَ ابنُ حجرٍ «ت ٨٥٢ هـ»: «وَأَمَّا إِذَا انْفَرَدَ المَسْتُورُ أَوْ المَوصُوفُ بِسُوءِ الحِفْظِ أَوْ المُضَعَّفُ فِي بَعْضِ مَشَايِخِهِ دُونَ بَعْضٍ بِشَيءٍ لَا مُتَابِعَ لَهُ وَلَا شَاهِدَ، فَهَذَا أَحَدُ قِسْمَي المُنْكَرِ، وَهُوَ الذِي يُوجَدُ فِي إِطْلَاقِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الحَدِيثِ» (٥).


(١) وقد ذهب الحاكم والخليلي في تعريف الشاذ مذهباً مختلفاً عما ذهب إليه الشافعي والذي اعتمده علماء أصول الحديث في كتبهم، قال الحاكم في معرفة علوم الحديث ص ١١٩: «الشاذ فإنه حديث يتفرد به ثقة = = من الثقات وليس للحديث أصل متابع لذلك الثقة». وقال الخليلي في كتابه الإرشاد ١/ ١٧٦: «الذي عليه حفاظ الحديث: الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ بذلك شيخ، ثقة كان أو غير ثقة، فما كان عن غير ثقة فمتروك لا يقبل، وما كان عن ثقة يتوقف فيه ولا يحتج به». وقد رد ابن الصلاح في مقدمته كلام الحاكم والخليلي، لدخول الأحاديث الغرائب والأفراد الصحيحة في تعريفهما، فقال: «ليس الأمر في ذلك على الإطلاق الذي أتى به الخليلي والحاكم؛ بل الأمر في ذلك على تفصيل نبيه» فلينظر ص ٧٦.
(٢) نخبة الفكر ص ٢٢٩.
(٣) انظر لسان العرب - مادة «نكر» - ١٤/ ٢٨١.
(٤) وعلى هذا التعريف كثير من المحدثين، وهو الذي استقر عليه الاصطلاح عند المتأخرين، وعليه جرى الحافظ ابن حجر في النخبة، وهناك مسلك آخر وهو التوسع في إطلاق المنكر، ليشمل الفرد. نبهت عليه هنا لوروده بكثرة في كلام المتقدمين، حتى يفهم على مراده عندهم، ولا يحمل على المعنى الأول، قال شيخنا نور الدين «ومن هنا يتعين على من يطالع كتب المحدثين أن يتفطن ويتنبه لإطلاق كلمة "منكر"، ولا يتأثر بدافع التعجل فيضعف مالا يستحق التضعيف، ويتكلم بغير علم، كما وقع لبعض العصريين». انظر منهج النقد ص ٤٣٢.
(٥) النكت على ابن الصلاح ٢/ ٦٧٥.

<<  <   >  >>