للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالَ الأبناسيُّ «ت ٨٠٢ هـ»: «رُبَّمَا كَانَ الحُكْمُ لِلنَّاقِصِ، وَالزَّائِدُ وَهْمٌ، فَيَكُونُ مِنْ نَوعِ المَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الأَسَانِيدِ» (١).

ومنَ القرائنِ لمعرفةِ المزيدِ في متَّصلِ الأسانيدِ:

أوَّلاً: كثرةُ العددِ: قالَ ابنُ الصَّلاحِ «ت ٦٤٣ هـ» في معرضِ كلامِهِ عنِ الرِّوايةِ التي مثَّلَ بهَا للمزيدِ: «وَأَمَّا ذِكْرُ أَبِي إِدْرِيسَ فِيهِ فَابْنُ المُبَارَكِ مَنْسُوبٌ فِيهِ إِلَى الوَهْمِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الثِّقَاتِ رَوَوهُ عَنْ ابْنِ جَابِرٍ فَلَمْ يَذْكُرُوا أَبَا إِدْرِيسَ بَينَ بِسْرٍ وَوَاثِلَةَ، وَفِيهِمْ مَنْ صَرَّحَ فِيهِ بِسَمَاعِ بِسْرٍ مِنْ وَاثِلَةَ» (٢).

ثانيَاً: سلوكُ الجَادَّةِ (٣): قالَ أبو حاتمٍ «ت ٢٢٧ هـ» عنِ الرِّوايةِ السَّابقةِ: «يَرَونَ أَنَّ ابْنَ المُبَارَكِ وَهِمَ فِي هَذَا، وَكَثِيرَاً مَا يُحَدِّثُ بِسْرٌ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، فَغَلِطَ ابْنُ المُبَارَكِ وَظَنَّ أَنَّ هَذَا مِمَّا رُوِيَ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ عَنْ وَاثِلَةَ، وَقَدْ سِمِعَ هَذَا بِسْرٌ مِنْ وَاثِلَةَ نَفْسِهِ» (٤).

ثالثَاً: أنْ يكونَ مَنْ لمْ يأتِ بالزِّيادةِ أوثَقَ ممَّنْ أتَى بهَا: قالَ ابنُ حجرٍ «ت ٨٥٢ هـ»: «وَإِنْ كَانَتِ المُخَالَفَةُ بِزِيَادَةِ رَاوٍ فِي أَثْنَاءِ الإِسْنَادِ، وَمَنْ لَمْ يُزِدْهَا أَتْقَنُ مِمَّنْ زَادَهَا، فَهَذَا هُوَ المَزِيدُ فِي مُتَّصِلِ الأَسَانِيدِ» (٥).


(١) الشذا الفياح ٢/ ٤٨١.
(٢) مقدمة ابن الصلاح ص ٢٨٦.
(٣) سلوك الجادة: الجادة في اللغة: هي معظم الطريق، فمعنى: «سلك الجادة» هو أنه سار على ما هو أغلب وأشهر. وبمعناها قولهم: «أخذ المجرة» و «اتبع المجرة» و «لزم الطريق» و «سلك الطريق» ونحو ذلك.
وفي الاصطلاح، قال ابن رجب «ت ٧٩٥ هـ»: «فإن كان المنفرد عن الحفاظ، مع سوء حفظه قد سلك الطريق المشهور، والحفاظ يخالفونه، فإنه لا يكاد يرتاب في وهمه وخطئه، لأن الطريق المشهور تسبق إليه الألسنة والأوهام كثيراً. فيسلكه من لا يحفظ». شرح علل الترمذي ٢/ ٨٤١.
(٤) علل الحديث لابن أبي حاتم ١/ ٨٠.
(٥) نخبة الفكر وشرحها للقاري ص ٤٧٨.

<<  <   >  >>