للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو ممَّنْ روى عنهُ مِنَ الثِّقاتِ، كقولِ عبدِ الملكِ بنِ ميسرةَ «ت ٢٢٠ هـ»: «الضَّحَّاكُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ ابنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنه-» (١).

أو مِنَ النَّاقدِ العارفِ - وهذَا مبنيٌّ على السَّبرِ والاستقراءِ وعلى التَّاريخِ أيضَاً - بأنْ يُبيِّنَ عدمَ إدراكِ الرَّاوي لمنْ روى عنهُ، أو عدمَ سماعِهِ، أو عدمَ لُقِيِّهِ. كقولِ ابنِ المدينيِّ «ت ٢٣٤ هـ»: «لَمْ يَسْمَعْ أَبُو قِلَابَةَ مِنْ هِشَامِ بنِ عَامِرٍ، وَرَوَى عَنْهُ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ سَمُرَةَ بنِ جُنْدُبٍ» (٢).

ثانيَاً: معرفةُ تواريخِ الرُّواةِ: وهذا مِنْ أهمِّ الطُّرقِ التي سلكَهَا النُّقادُ واستدلُّوا بهَا على معرفةِ الاتِّصالِ والانقطاعِ في الأسانيدِ، قالَ شيخُنَا نورُ الدِّينِ: «وَقَدِ احْتَلَّ التَّارِيخُ عِنْدَ أَهْلِ الحَدِيثِ مَكَانَةً هَامَّةً جِدَّاً لِمَعْرِفَةِ اتِّصَالِ الأَسَانِيدِ وَانْقِطَاعِهَا، وَفِي الكَشْفِ عَنْ أَحْوَالِ الرُّوَاةِ وَفَضْحِ الكَذَّابِينَ» (٣).

قالَ سفيانُ الثَّوريُّ «ت ١٦١ هـ»: «لمَّا اسْتَعْمَلَ الرُّوَاةُ الكَذِبَ اسْتَعْمَلنَا لَهُمُ التَّارِيخَ» (٤). وقالَ الحاكمُ «ت ٤٠٥ هـ»: «لمَّا قَدِمَ عَلَينَا مُحَمَّدُ بنُ حَاتِمٍ الكَشِّيُّ، وَحَدَّثَ عَنْ عَبْدِ بنِ حُمَيدٍ، سَأَلْتُهُ عَنْ مَولِدِهِ، فَذَكَرَ أَنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِئَتَينِ. فَقُلْتُ لِأَصْحَابِنَا: سَمِعَ هَذَا الشَّيخُ مِنْ عَبْدِ بنِ حُمَيدٍ بَعْدَ مَوتِهِ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةٍ» (٥).


(١) المراسيل لابن أبي حاتم ص ٩٥.
(٢) المصدر ذاته ص ١٠٩.
(٣) منهج النَّقد ص ١٤٣.
(٤) الكامل لابن عديٍّ ١/ ٨٤.
(٥) انظر مقدِّمة ابن الصَّلاح ص ٣٨٠. وتجدر الإشارة إلى أنَّ الحاكم في المستدرك «ر ٤١٩٨» روى حديثاً من طريق الكشِّيِّ هذا عن عبد بن حميد، وقال: «صحيح الإسناد ولم يخرجاه». وهذا تناقض بيِّن.

<<  <   >  >>