للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فبيَّنتِ الطَّريقُ الأُخرى زيادةَ راوٍ، وهيَ زينبُ بنتُ أبي سلمةَ، ممَّا دلَّ على انقطاعٍ في الطَّريقِ الأُولى، لأنَّ عروةَ كمَا قالَ الطَّحاويُّ (١) «ت ٣٢١ هـ»: «لَا نَعْلَمُ لَهُ سَمَاعَاً مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ» (٢).

قالَ الدَّارقطنيُّ «ت ٣٨٥ هـ»: «هَذَا مُنْقَطِعٌ، وَقَدْ وَصَلَهُ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَينَبَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَوَصَلَهُ مَالِكُ فِي المُوَطَّأِ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ» (٣).

وإذا أتتْ زيادةُ راويينِ متتاليينِ في موضعِ الحذفِ منْ طريقِ الرَّاوي نفسِهِ أو طريقٍ أُخرى في غير أوَّلِهِ، فيكونُ مُعضلاً، وقدْ قسَّمَ الحاكمُ «ت ٤٠٥ هـ» المعضلَ إلى قسمينِ، وجعلَ القسمَ الأوَّلَ: ما كانَ معضَلاً ولمْ يردْ مُتَّصلاً مِنْ طريقٍ أُخرى، والقسمَ الآخرَ: ما كانَ مُعضَلاً مِنْ وجهٍ، ثمَّ يُوجدُ مُتَّصلاً مِنْ طريقٍ أُخرى، ثمَّ قالَ: «فَيَنْبَغِي لِلعَالِمِ بِهَذِهِ الصَّنْعَةِ أَنْ يُمَيِّزَ بَينَ المُعْضَلِ الذِي لَا يُوصَلُ، وَبَينَ مَا أَعْضَلَهُ الرَّاوِي فِي وَقْتٍ ثُمَّ وَصَلَهُ فِي وَقْتٍ» (٤).

قالَ السَّخاويُّ «ت ٩٠٢ هـ»: «وَقَدْ يَكُونُ الحَدِيثُ مُعْضَلَاً، وَيَجِيءُ مِنْ غَيرِ طَرِيقِ مَنْ أَعْضَلَهُ مُتَّصَلَاً، كَحَدِيثِ خُلَيدِ بنِ دَعْلَجٍ، عَنِ الحَسَنِ: «أَخَذَ المُؤْمِنُ عَنِ اللهِ أَدَبَاً حَسَنَاً، إِذَا وَسَّعَ عَلَيهِ وَسَّعَ، وَإِذَا قَتَرَ عَلَيهِ قَتَرَ». فَهُوَ مَرْوِيٌّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بنِ عَبْدِ


(١) أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي، أبو جعفر الطحاوي، «٢٣٩ هـ - ٣٢١ هـ»، كان شافعياً ثم انتقل إلى المذهب الحنفي، من تصانيفه: «شرح معاني الآثار»، و «مشكل الآثار»، و «بيان السنة»، و «الاختلاف بين الفقهاء». انظر طبقات الحفاظ ص ٣٣٩.
(٢) شرح مشكل الآثار ٩/ ١٤١.
(٣) نقله الحافظ في الفتح، وقال «ت ٨٥٢ هـ» معقِّباً: «اعتمد البخاريُّ فيه رواية مالك التي أثبت فيها ذكر زينب، ثم ساق معها رواية هشام التي سقطت منها حاكياً للخلاف فيه على عروة كعادته، مع أنَّ سماع عروة من أمِّ سلمة ليس بمستبعد، والله أعلم». فتح الباري ١/ ٣٥٨.
(٤) معرفة علوم الحديث ص ٣٧.

<<  <   >  >>