للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالسَّهْوِ، وَذَلِكَ عِنْدَ التَّسَاوِيْ فِيْ الحِفْظِ وَالإِتْقَانِ. فَإِنْ تَفَارَقُوْا وَاسْتَوَىْ العَدَدُ فَإِلَىْ قَوْلِ الأَحْفَظِ وَالأَكْثَرِ إِتْقَانَاً، وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَىْ العَمَلِ بِهَا عِنْدَ أَهْلِ الحَدِيْثِ» (١).

ثالثاً: الرِّوايةُ عنْ أهلِ البلدِ، وكثرةُ الملازمةِ للشَّيخِ: ولاْ بدَّ فيْ هذَا مِنْ معرفةِ مواطنِ ومراتبِ الرُّواةِ، قالَ الزَّركشيُّ «ت ٧٩٤ هـ»: «وَكَذَا إِذَا كَانُوْا عَنْ شَيْخٍ لَهُمْ وَأَهْلِ بَلَدٍ، فَهُمْ أَحَقُّ بِهِ مِمَّنْ لَيْسَ هُوَ شَيْخُهُ وَلَاْ كَثُرَتْ مُلَاْزَمَتُهُ لَهُ وَلَاْ هُوَ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ، وَإِنْ كَانَ الرَّافِعُ لَهُ كَثِيْرِيْنَ ثِقَاتٍ حُفَّاظَاً» (٢).

رابعاً: سلوكُ الجادَّةِ: قالَ ابنُ حجرٍ «ت ٨٥٢ هـ»: «يَتَرَجَّحُ الوَقْفُ بِتَجْوِيْزِ أَنْ يَكُوْنَ الرَّافِعُ تَبِعَ العَادَةَ وَسَلَكَ الجَادَّةَ، وَمِثَالُ ذَلِكَ مَاْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيْ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ، وَهُوَ بِالحَزْوَرَةِ: «وَاللهِ إِنِّيْ لَأَعْلَمُ أَنَّكِ خَيْرُ أَرْضِ اللهِ … »، وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِيْ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَدِيٍّ بنِ الحَمْرَاءِ -رضي الله عنه- عَنْهُ، وَهُوَ المَحْفُوْظُ، وَالحَدِيْثُ حَدِيْثُهُ، وَهُوَ مَشْهُوْرٌ بِهِ، وَقَدْ سَمِعَهُ الزُّهْرِيُّ أَيْضَاً مِنْ مُحَمَّدِ بنِ جُبَيْرٍ بنِ مُطْعَمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَدِيٍّ -رضي الله عنه- وَسَلَكَ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو الجَادَّةَ، فَقَالَ: عَنْ أَبِيْ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-» (٣).

خامسَاً: قوَّةُ الطَّريقِ: فإذَا كانَ طريقُ الرَّفعِ أقوىْ رُجِّحَ علىْ الوقفِ، والعكسُ صحيحٌ، وإنْ تقاومَا فالحكمُ للرَّفعِ علىْ المختارِ (٤).


(١) نظم الفرائد ص ٣٦٧.
(٢) النكت للزركشي ٢/ ٦٠ و ٦١.
(٣) النكت لابن حجر ٢/ ٦١٠ و ٦١١.
(٤) وهذَا بخلافِ ما مرَّ في تعارض الوصل والإرسال، والاتِّصال والانقطاع، فإذا تقاوم المتعارضان صحةً تُوقِّف في التَّرجيح حيث لا مرجِّح، وأُعلَّ الحديث بالاضطراب، والسَّبب في التَّوقُّف أنَّ الوصل والإرسال والانقطاع يختصُّ بالإسناد الذي لا يصحُّ المتن إلا به، كما أنَّهما ضدَّان لا يمكن الجمع بينهما، فإمَّا يكون الحديث متَّصلاً أو مرسلاً أو منقطعاً، ولا يمكن الجمع بين متناقضين، أما الوقف والرَّفع والقطع فهي تختصُّ بالمتن، ويمكن الجمع بينها حيث لا تعارض، فمن الممكن أن يصحَّ الحديث مقطوعاً وموقوفاً ومرفوعاً في آن واحد، وفي حالة التَّقاوم حيث لا مرجِّح يُؤخذ بالمرفوع لأنَّه الأولى، ولا تضرُّه رواية القطع أو الوقف لأنّ كلَّاً من هذه الأنواع حديث مستقلٌّ بذاته، والله أعلم.

<<  <   >  >>