للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«فَهَذَا كِتَابٌ … أُبَيِّنُ فِيهِ بِالعَزْوِ وَالحُكْمِ المُعْتَبَرِ، مَا عَلَى الأَلْسِنَةِ اشْتَهَرَ، مِمَّا يُظَنُّ إِجْمَالَاً أَنَّهُ مِنَ الخَبَرِ وَلَا يَهْتَدِي لِمَعْرِفَتِهِ إِلَّا جَهَابِذَةُ الأَثَرِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ فِيهِ شَيءٌ مَرْفُوعٌ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي المَوقُوفِ أَوِ المَقْطُوعِ، وَرُبَّمَا لَمْ أَقِفْ لَهُ عَلَى أَصْلٍ أَصْلَاً» (١).

وقالَ العجلونيُّ (٢) في مقدِّمةِ كشفِ الخفاءِ «ت ١١٦٢ هـ»: «وَأَنُصُّ فِي هَذَا المَجْمُوعِ عَلَى بَيَانِ الحَدِيثِ مِنْ غَيرِهِ، وَتَمْيِيزِ المَقْبُولِ مِنْهُ السَّالِمِ مِنْ غَيرِهِ» (٣).

وكتبُ الأحاديثِ المشتهرةِ على ألسنةِ النَّاسِ حافلةٌ بأمثلةٍ مستفيضةٍ عَنِ المشهورِ على ألسنةِ النَّاسِ، إلَّا أنَّ كتابَ السَّخاويِّ أوسعُ، لإيرادِهِ طرقَ الأحاديثِ، واكتفى العجلونيُّ بإيرادِ المخرِّجينَ للحديثِ معَ الحكمِ عليهِ.

والعزيزُ - كمَا بيَّنَا سابقَاً - في تعريفِهِ أَنَّهُ سُمِّيَ عزيزَاً لكونِهِ عزَّ، أي: قويَ بمجيئِهِ مِنْ طريقٍ أُخرى، فالسَّبرُ يُمكِّنُنَا مِنْ معرفةِ العزيزِ، وإخراجِهِ عَنْ حدِّ التَّفرُّدِ أو الغرابةِ، وتقويتِهِ مِنْ طريقٍ أُخرى إِنْ كانتْ صالحةً لذلكَ، ومثالُ ذلكَ حديثُ أنسٍ -رضي الله عنه- وأبي هريرةَ -رضي الله عنه-، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ».

* الحديثُ رواهُ أبو هريرةَ -رضي الله عنه- عندَ البخاريِّ «ر ١٤»، وابنِ حنبلٍ «ر ١١٧٤٦».


(١) المقاصد الحسنة ص ٢، وقد طبع في دار الكتاب العربي - بيروت - ١٤٢٥ هـ - بتحقيق: عثمان الخشت.
(٢) إسماعيل بن محمد بن عبد الهادي الجراحي، العجلوني، الدمشقي، أبو الفداء، «١٠٨٧ هـ - ١١٦٢ هـ»، محدث الشام، من تصانيفه: «كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس»، و «عقد الجوهر الثمين»، و «شرح الحديث المسلسل بالشاميين». انظر الأعلام للزركلي ١/ ٣٢٥.
(٣) كشف الخفاء ١/ ٦. طبع الكتاب في مؤسسة الرسالة - بيروت - ١٤٠٥ هـ - ط ٤ - تحقيق: أحمد القلاش.

<<  <   >  >>