للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ وَالمُزَفَّتِ». قَالَ أَحمَدُ: "صَحَّفَ شُعْبَةُ فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ خَالِدُ بنُ عَلقَمَةَ"» (١). فبيَّنَ تصويبَ ابنِ حنبلٍ للتَّصحيفِ، وأيَّدهُ الحاكمُ «ت ٤٠٥ هـ» مِنْ طُرقٍ أُخرى، فقالَ: «وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ قَولِ أَحْمَدَ: أَنَّ زَائِدَةَ بنَ قُدَامَةَ وَأَبَا عَوَانَةَ وَشَرِيكَ بنَ عَبْدِ اللهِ، رَوَوا عَنْ خَالِدِ بنِ عَلقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ خَيرٍ بِنَحْوِهِ» (٢). أمَّا حديثُ أبي عَوانةَ فقدْ أخرجَهُ البغداديُّ في تاريخِهِ «ر ٣٩٤١»، ووردَ في حديثِ أبي الفضلِ الزُّهريِّ «ت ٣٨١ هـ» (٣). وقدْ بحثتُ مليَّاً عَنْ طريقي زائدةَ وشريكٍ في المصنَّفاتِ الحديثيَّةِ والأجزاءِ فلمْ أجدْهُمَا.

ومِنَ قرائنِ التَّرجيحِ في معرفةِ المصحَّفِ، ما يأتي:

١ - كثرةُ العددِ: كمَا في المثالِ آنفِ الذِّكرِ، فإنَّ الطُّرقَ اتَّفقتْ على أنَّ الرَّاويَ هوَ خالدُ ابنُ علقمةَ، وليسَ مالكَ بنَ عرفطةَ، فاتَّضحَ الشُّذوذُ بمخالفةِ الجمعِ.

٢ - موافقةُ المنصوصِ عليهِ لدى الأئمَّةِ المحققينَ: وسيأتي بيانُهُ قريباً.

٣ - كونُ الرَّاوي ممَّنْ عُلمَ بضَبطِ الأسماءِ، ومخالفُهُ ممَّنْ عُرِفَ بالتَّصحيفِ: والأمثلةُ كثيرةٌ في كتبِ الرِّجالِ، قالَ ابنُ حنبلٍ «ت ٢٤١ هـ»: «ابْنُ مَهْدِيٍّ أَكْثَرُ تَصْحِيفَاً مِنْ وَكِيعٍ، وَوَكِيعٌ أَكْثَرُ خَطَأً مِنْ ابنِ مَهْدِيٍّ، وَكِيعٌ قَلِيلُ التَّصحِيفِ» (٤).


(١) مقدمة ابن الصلاح ص ٢٧٩. وانظر حديث شعبة عن مالك بن عرفطة، في مسند الطيالسي «ر ١٥٣٨» ومسند ابن حنبل «ر ١١٧٨» و «ر ٢٥٤٣٦» و «ر ٢٦١١٤»، ومسند ابن راهويه «ر ١٧٧١».
(٢) معرفة علوم الحديث ص ١٤٩.
(٣) / ٤٦. طبع في مكتبة أضواء السلف - الرياض - ١٤١٨ هـ - تحقيق: د. حسن بن محمد البلوط.
(٤) العلل لابن حنبل ١/ ٣٩٤.

<<  <   >  >>