للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَتَوَقَّفُ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ - يَعْنِي: إِبْرَازَ العِلَلِ-، لأنَّهُ ضَرَرٌ عَلَى العَامَّةِ أَنْ نُظْهِرَ لَهمْ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ هَذَا البَابِ فِيمَا مَضَى مِنْ عُيُوبِ الحَدِيثِ، لأنَّ عِلْمَ العَامَّةِ يَقْصُرُ عَنْ ذَلِكَ» (١).

وقالَ ابنُ مَهديٍّ «ت ١٩٨ هـ»: «إِنْكَارُنَا الحَدِيثَ عِنْدَ الجُهَّالِ كَهَانَةٌ» (٢).

قال شيخنا نور الدين (٣): «وَلمَاَّ كَانَ شَانُ العِلَلِ الدِّقَّةَ وَالخَفَاءَ، تَوَقَّفَ المُحَدِّثُونَ كَثِيرَاً عَنِ التَّصْرِيحِ بِمَا يُعَلُّ بِهِ الحَدِيثُ، إِمَّا لِعَدَمِ اسْتِحْضَارِ عِبَارَةٍ يُعَبِّرُونَ بِهَا، أَوْ لِعَدِمِ قَابِلِيَّةِ السَّامِعِ أَنْ يَتَفَهَّمَ» (٤).

وُيُحملُ كلامُ النُّقادِ على أَنَّ مَنْ يَجهَلُ هذا العلمَ لا يُمكنُهُ الإحاطةُ بطرائقِهِ وعناصرِهِ. وَعَرْضُ الدَّليلِ والبُرهَانِ يلزَمُ منهُ وُجودُ منْ يُدركهُمَا، وغيرُ ذوِي الاختصاصِ يكفيهِمْ معرفةُ الحكمِ المتضمِّنِ صِحَّةً أَوْ ضَعفَاً أَوْ بُطلانَاً، فإنْ أرادُوا معرفِةَ هذَا العلمِ فلا بدَّ أنْ يسلُكُوا مسلكَ النُّقَّادِ في إعدادِ الرَّصيدِ الكافِي الذي يمتلكُهُ هؤلاءِ الأئمَّةُ بمعرفتهِمُ الكاملةِ وإحاطتهِمُ التَّامَّةِ لأحاديثِ الرُّوَاةِ، وَهوَ ما عبَّرَ عنهُ الحاكمُ «ت ٤٠٥ هـ» بقولِهِ: «الحُجَّةُ فِي هَذَا العِلْمِ عِنْدَنَا الحِفْظُ وَالفَهْمُ وَالمَعْرِفَةُ لَا غَير» (٥).


(١) رسالة أبي داود لأهل مكة ١/ ٣١.
(٢) علل الحديث لابن أبي حاتم ١/ ١٠.
(٣) فضيلة الدكتور العلامة نور الدين عتر، أطال الله عمره، رئيس قسم علوم القرآن والسنة في كلية الشريعة بدمشق، له مصنفات كثيرة، منها: «منهج النقد في علوم الحديث»، و «الأحاديث المختارة من جوامع الإسلام»، و «هدي النبي في الصلوات الخاصة»، و «إعلام الأنام شرح بلوغ المرام». وغيرها …
(٤) منهج النقد - د. نور الدين عتر - ص ٤٥٢.
(٥) معرفة علوم الحديث للحاكم ١/ ١١٣.

<<  <   >  >>