للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ السَّخاوِيُّ «ت ٩٠٢ هـ»: «مَيَّزَ الإِمَامُ مُسْلِمُ فِي صَحِيحِهِ اخْتِلَافَ الرُّوَاةِ حَتَّى فِي حَرْفٍ مِنَ المَتْنِ، وَرُبَّمَا كَانَ بَعْضُهُ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ مَعْنَىً، وَرُبَّمَا كَانَ فِي بَعْضِهِ اخْتِلَافٌ فِي المَعْنَى» (١).

وهذهِ الأسبابُ نُجملهَا فيمَا يأتي:

١ - الاِخْتِلَافُ الحَقِيقِيُّ: وهوَ ما كانَ الخلافُ فيه جوهرِيّاً حقيقيّاً وقادحَاً، وليسَ اختلافاً ظاهريَّاً، وهوَ: أن يختلفَ الرُّوَاةُ في متنِ حديثينَ، أحدُهُمَا يخالفُ أَوْ ينافي الآخرَ، أو أنْ يختلفَ الرُّوَاة في راوٍ أَوْ رواةٍ مختلفينَ عَنِ الآخرينَ معْ عدمِ إمكانِ التَّرجيحِ والتَّوفيقِ، وهو ما يُنبئُ عن وجودِ علَّةٍ في الحديثِ لا تستبينُ إلا بالسَّبرِ، ومنْ أسبابِ الاختلافِ هذا:

١) الوَهْمُ وَالخَطَأُ: وهما نتيجةُ السَّهوِ والنِّسيانِ اللذينِ جُبلَ الإنسانُ عليهما، ولا يسلمُ منهُما كبيرُ أحدٍ من الحفَّاظِ فضلاً عن صغارهِمْ، وهُمَا حاصلانِ في أحاديثِ الثِّقاتِ فضلاً عن الضُّعفاءِ، وفي أحاديثِ المكثرينَ أكثرَ منهمَا في أحاديثِ المقلِّينَ، إلا أنَّ الوهمَ والخطأَ اليسيرينِ لا يؤثِّرانِ في الرِّوايَةِ والرَّاوِي ما لم يفحُشَا في حديثِهِ، قالَ ابن المباركِ «ت ١٨١ هـ»: «وَمَنْ يَسْلَمُ مِنَ الوَهْمِ، وَقَدْ وَهَّمَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنه- جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ فِي رِوَايَاتِهِمْ لِلْحَدِيثِ» (٢). وقالَ ابنُ حنبلٍ «ت ٢٤١ هـ»: «وَمَنْ يَعْرَى مِنَ الخَطَأِ وَالتَّصْحِيفِ» (٣).


(١) انظر فتح المغيث ٢/ ٢٤٤.
(٢) مختصر الكامل في الضعفاء للمقريزي ١/ ٧٧.
(٣) تاريخ أسماء الثقات لأبي حفص الواعظ ١/ ٢٥٩/ ١٥٨٦.

<<  <   >  >>