للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦ - أن الله يُقَدِّر على عبده بعض المشاق؛ ليُنيله سرورًا أعظم من ذلك، أو يدفع عنه شرًّا أكثر منه، كما قَدَّر على أم موسى ذلك الحزن الشديد والهم البليغ الذي هو وسيلة إلى أن يصل إليها ابنها على وجهٍ تطمئن به نفسها وتَقر به عينها وتزداد به غبطةً وسرورًا.

٧ - أن الخوف الطبيعي من الخلق لا ينافي الإيمان ولا يزيله، كما جرى لأم موسى ولموسى من تلك المخاوف.

٨ - أن الإيمان يزيد وينقص، وأن من أعظم ما يزيد به الإيمان ويتم به اليقين: الصبر عند المزعجات، والتثبيت من الله عند المُقلقات؛ كما قال تعالى: {لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠) أي: ليزداد إيمانها بذلك ويطمئن قلبها.

٩ - أن من أعظم نعم الله على عبده و أعظم معونة للعبد على أموره: تثبيت الله إياه، وربط جأشه وقلبه عند المخاوف وعند الأمور المذهلة؛ فإنه بذلك يتمكن من القول الصواب والفعل الصواب، بخلاف من استمر قلقه وروعه وانزعاجه، فإنه يضيع فكره ويذهل عقله، فلا ينتفع بنفسه في تلك الحال.

١٠ - أن العبد -ولو عرف أن القضاء والقدر ووعد الله نافذ لا بد منه- فإنه لا يهمل فعل الأسباب التي أمر بها، ولا يكون ذلك منافيًا لإيمانه بخبر الله، فإن الله قد وعد أم موسى أن يَرده عليها، ومع ذلك اجتهدت في ردِّه، وأرسلت أخته لتقصه وتطلبه.

<<  <   >  >>