قال أصبغ: وهذا في الحكم بإجازته، فأما فيما بينه وبين الله فلا يحل له أن يأخذ إلا ما يجوز في التبايع.
قال لي أصبغ: وقد حدثنا سفيان بن عيينة، أن علي بن أبي طالب أتي بصلح فقرأه، فقال: هذا حرامه، ولولا أنه صلح لفسخته.
وقول مطرف وابن الماجشون أحب ما فيه إلي، وبه أقول، وهو أقوم لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا أحل حرامًا أو حرم حلالا».
وسألت مطرفًا وابن الماجشون عن قوم تنازعوا في منزل لهم أو غيره، ثم اصطلحوا على أن من أراد منهم البيع لم يبع إلا منهم.
فقالا لي: إن كان شرطهم أن لا يبيع الا منهم بما أعطوه من قليل أو كثير لم يصلح ذلك، وكان الصلح منتقضًا أبدًا، ورجعوا إلى رأس أمرهم، وإذا كان شرطهم أنه من أراد البيع منهم عرض ذلك على أصحابه بما يعطي فيه؛ فإن رضوا أخذوا، وإن كرهوا ردوا، وباع من غيرهم إن شاء، لم نر بهذا في الصلح بأسًا، ولو وقع هذا الشرط في البيع ابتداء لم يجز وفسخ إلا أن يفوت، فيرد إلى القيمة إلا أن تكون القيمة أدنى من الثمن فلا ينقص من الثمن.
قلت لهما: فإن اشترطوا أن من أراد البيع منهم لم يكن له أن يبيع من فلان لرجل قد كرهوه لقبح جواره؟
قالا: لا بأس به في الصلح والبيع، ولو كان شرطه ألا يبيع إلا من فلان كان بمنزلة قولهم ألا يبيع إلا منا، وقد فسرناه لك.