وسمعت ابن عبد الحكم يقول ـ في الوارث الذي ضمن للغرماء دين أبيه على أن يغرم ماله في يديه يتجر فيه إن هلك:- إنما يجوز إذا كان إلى غير أجل يضربه، وعلى أن يكون الربح للورثة والضمان عليه.
وكذلك قال ابن وهب عن مالك، وذكر أن مالكًا أملاها عليه إملاء وجيهًا، قال مالك: لو كان في قرطاسك فسحة زدتك.
قال لي ابن عبد الحكم: وقد ذكر ابن القاسم عن مالك أن الأجل فيها جائز إذا كان النماء لجميع الورثة.
قال: وسمعت أصبغ يقول ـ في الحكم بين النصارى فيما تظالموا به الشرائع:- ترك الحكم بينهم أحب إلي وإن حكم فلا بأس، وذلك أنه بلغني عن ابن شهاب أنه قال: قد أمر الله بالحكم بينهم، حيث يقول تبارك وتعالى:{وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم}[المائدة:٤٩].
قال لي أصبغ: فإذا اجتمعا على الرضى بالحكم بينهما فليحكم إن شاء وإن لم يرض أساقفتهم، وإذا أتى بهما أساقفتهم احكم بينهما إن شاءا وإن كرها، فأما فيما تظالموا به من الحقوق فواجب عليه أن يحكم بينهما إذا ادعى إلى ذلك واحد منهما.
قال: وسمعت أصبغ يقول: قال ابن القاسم في رجل وكل رجلًا على تقاضي دين له، فقام على رجل بذكر حق عليه بمائة دينار، فقال المطلوب للوكيل: قد دفعت إلى صاحبك منها خمسين. ولا بينة له على ذلك، فإنه لا ينفعه ما ادعى من الدفع إلا ببينة، وهو يقوم ولا يؤخر إلى لقاء صاحبه، ولكن إذا قدم صاحبه فأقر أنه قد تقاضي منه خمسين - والوكيل معدم أو موسر - رجع بالخمسين على صاحب أصل الحق، لأنه هو المفرط حين لم يعلم وكيله أنه قد تقاضى منه خمسين، فكأنه هو أتلفها عليه إذا كان الوكيل معدمًا.